ترجمة الرسالة الإجتماعية إلى ممارسات فعلية: تجربة من مصر

رسالتنا: "تحسين المستوى المعيشي للفئات الأقل دخلاً في دلتا النيل من خلال تقديم خدمات مالية وغير مالية تلبي متطلبات الفئات المستهدفة بطريقة مستدامة وبكفاءة أعلى".

لماذا وكيف تقوم جمعية رجال الأعمال بالدقهلية بترجمة رسالتها الاجتماعية إلى ممارسات فعلية؟ 

تأتي أهمية الرسالة من كونها ملهمة للعاملين ومحفزة على الطريق الذي ينبغي أن ننتهجه. فنجد أن الرسالة تعكس بشكل كامل مقاصد الجمعية التي تتشارك بها على مستوى الحوكمة والإدارة العليا فيما يتعلق بالوصول إلى فئات مستهدفة معينة (الفئات الأقل دخلاً) عن طريق تلبية احتياجاتها من خلال توفير خدمات مبنية على احتياجات العميل (خدمات مالية وغير مالية تلبي متطلبات الفئات المستهدفة)، وتكوين منافع محددة للعملاء وعمل تغيير في حياتهم (تحسين مستوى المعيشة).

وقد قامت الجمعية بترسيخ الرسالة الاجتماعية فيما بين الموظفين والتواصل بشأنها من خلال سياسات مكتملة للموارد البشرية تتضمن آليات لتدريب وتقييم الموظفين مبنية على مدى مساهمة الموظف في أهداف الأداء الاجتماعي، والإلتزام بمبادئ حماية العملاء وكذلك الالتزام بقواعد السلوك المهني ومدي الالتزام بالقيم المؤسسية.​ كما تقوم الجمعية بإجراء استقصاءات عن مدى رضاء الموظفين كل سنتين واتخاذ الإجراءات التصحيحية من أجل تحسين مدى رضاء الموظفين.

ما هي الأدوات والعمليات الأساسية التي ساعدت المؤسسة على تحقيق ذلك؟

قامت الجمعية بتطبيق عدة استراتيجيات للمساهمة في تحويل الرسالة الاجتماعية إلى ممارسات فعلية:

• الاستراتيجية الاجتماعية: تقوم على دعم التطوير الاقتصادي والاجتماعي لعملائها وإلى تطوير موظفيها. وتقوم الخطة الاجتماعية السنوية بتحديد بعض الأهداف الاجتماعية تتضمن تحسين مستوى المعيشة والاحتفاظ بالعملاء وتوفير الخدمات غير المالية.
• استراتيجية المنتجات: المنتجات والخدمات التي تقدمها الجمعية متنوعة بشكل مناسب، وتتماشى استراتيجية المنتج مع الرسالة. المنتجات المالية والخدمات غير المالية المصممة خصيصا لاحتياجات العملاء المستهدفين مع الربط بين استراتيجية المنتج والتغيير الإيجابي في حياة العملاء.
• تطوير المنتجات: تم استحداث لجنة إدارة المنتجات يقوم دورها على متابعة مدي ملائمة المنتجات لتفضيلات العملاء ودراسة وتعديل المنتجات. حيث يتم الأخذ في الاعتبار معدل دفعات السداد (التمويل الذي ستتم الموافقة عليه بالإضافة إلى التمويلات الأخرى) على الدخل المتبقي/المتوفر للعملاء.
• استراتيجية حماية حقوق العميل: تقوم الجمعية بالإلتزام بممارسات حماية العميل، منع الإفراط في المديونية وممارسات التسعير العادلة وآلية تلقي الشكاوى، تصميم المنتج والمعاملة المحترمة والعادلة للعملاء والخصوصية.
• استراتيجيات التصفية والشطب وإعادة الجدولة: سياسات إعادة جدولة التمويل يتم تطبيقها على العملاء الذين لديهم رغبة في السداد وليس لديهم القدرة. بالإضافة إلى تطبيق سياسات التصفية والشطب للحالات الانسانية.
• استراتيجية الموارد البشرية: لقد تم تصميم حوافز الموظفين من أجل المساهمة في تحقيق بعض أهداف الجمعية. وتتضمن معايير برنامج الحوافز للفروع أيضا استكمال نماذج مؤشر الخروج من الفقر وإبلاغ العملاء بالأنشطة الاجتماعية للجمعية.  كما إن تعويضات الإدارة العليا تتسم بالشفافية.
• برنامج صندوق التكافل: تقوم الجمعية بتنفيذ مشروعات اجتماعية من شأنها إفادة المجتمع بشكل كبير، وتتضمن التبرع للمستشفيات والمساعدات المالية الطبية وشراء معدات لذوي الاحتياجات الخاصة ومشاركة الموظفين في المشروعات المجتمعية وغيرها من المبادرات الاجتماعية. ممارسة تقديم التبرعات والعمل الخيري هي من صميم قيم الجمعية منذ البداية، وقد تجاوزت المساهمات المالية لتلك الحالات 14 مليون جنيه.
• احتساب مؤشر الخروج من الفقر PPI: يتم من خلاله مقارنة بيانات الفقر بإستخدام أسس المقارنة لمعدلات الفقر على مستوى الدولة. ويتضمن التقرير السنوي نتائج مؤشر الخروج من الفقر.

كيف تسهم منتجات وخدمات المؤسسة المالية وغير المالية في تحقيق الرسالة الاجتماعية؟

يتم ذلك عبر ثلاثة محاور رئيسية.

1. إمكانية الوصول للخدمات المالية:
   • المنتجات المالية لا تمثل أي عائق لإمكانية الوصول إلى جميع الشرائح السكانية المستهدفة، ويرجع الفضل في ذلك إلى حجم القرض الذي يسهل الحصول عليه، الضمانات البسيطة والمتطلبات المرنة، وجداول زمنية للسداد تتماشى مع التدفقات النقدية للفئات المستهدفة وكذلك نماذج مناسبة لتقديم الخدمة يتم تكييفها مع التحديات الثقافية والاجتماعية مثل اللغة ومستوى الأمية ودور المرأة.
   • التغطية المناسبة لشبكة الفروع داخل النطاق الجغرافي وقرب الفروع للمناطق التي يعيش بها الفئات المستهدفة بالإضافة إلى "خدمة الوصول إلى المنازل" حيث يسافر المحصلون إلى مراكز تجمع العملاء من أجل تحصيل دفعات السداد بالتنسيق مع أخصائي الائتمان.
   • تصميم منتجات ملائمة مبنية على احتياجات فعلية للعملاء.  وتمويل الأنشطة المبتدئة التي تقوم بها المرأة عن طريق تمويل المجموعات، والتي تقوم على خدمة النساء بواسطة أخصائي ائتمان من الإناث احتراما لثقافة المجتمع الريفي، ويتم الصرف والتحصيل عن طريق نقاط صرف وتحصيل بالقرى والنجوع.
2. قواعد التعامل مع العملاء:
   • عقد التمويل مع العميل يحتوي على مادة تتطلب الموافقة المسبقة للعميل من أجل المشاركة بمعلوماته الإئتمانية مع مكتب الاستعلام الائتماني والبنوك.
   • مدونة قواعد السلوك توضح طرق معاملة العميل المقبولة وغير المقبولة (مثل سوء المعاملة وعدم الاحترام واللغة غير الملائمة وإلحاق الضرر بالعملاء). كما تتطلب مدونة قواعد السلوك من الموظفين الإلتزام بسياسة خصوصية وسرية بيانات العميل.
   • يمكن للعميل الوصول إلى قنوات الشكاوى بسهولة، ويتم إبلاغ العملاء بكيفية تقديم الشكوى قبل صرف التمويل وكذلك الرقم الذي يمكن الاتصال به، والمدون في بطاقة متابعة العميل كمرجعية لإرسال أو تتبع الشكوى.
3. الخدمات غير المالية:
   • تصمم الخدمات غير المالية بغرض الحد من تعرض الشرائح المستهدفة للخطر وزيادة قدرتهم على الاستفادة من الفرص الاقتصادية وتحسين ظروفهم المعيشية (جميعها برامج غير مقتصرة على عملاء التمويل). ومنها: التعليم المالي - القوافل الطبية العلاجية - كشف وعلاج فيروس الكبد الوبائي C - برامج توعية البيئة - الندوات الصحية - تمكين المرأة - بطاقات الرقم القومي - المعارض التسويقية - سداد المصروفات الدراسية... وغيرها

من خبرتك، ما هي التكلفة والعائد من كون مؤسسة تمويل أصغر مسؤولة اجتماعيًا؟

سوف أبدأ بالعائد من المسؤولية الاجتماعية فهو كبير وملموس على عدة مستويات منها:

• ضمان نجاح تصميم المنتجات المبنية على الاحتياجات الفعلية للعملاء من خلال المسوح الميدانية للعملاء والعاملين وتحليل التغذية المرتدة للعملاء والعاملين.
• تحسين الصورة الذهنية لدى العملاء الداخليين والخارجيين وذلك من خلال الإلتزام الدائم بتحسين المستوى المعيشي للمجتمع المحلي والمجتمع ككل.
• خلق قيمة أكبر لدى العملاء مما يزيد من ولاءهم للمؤسسة وبالتالي يؤدي إلي تحسين كفاءة وفاعلية الأداء المؤسسي وينعكس ذلك علي جودة المحفظة والاستدامة ومؤشرات الأداء الأخرى.
• خلق مجموعة من القيم تظل راسغة في أذهان العاملين تجسد مسئوليتهم تجاه المجتمع مما يعظم دورهم الوظيفي داخل المؤسسة ويعظم انتماءهم وولائهم للمؤسسة.

كما أن الأداء الاجتماعي له أثر كبير على جذب الممولين الذين يعملون من أجل خلق قيمة اجتماعية أو بيئية أو اقتصادية كبيرة وتنمية المجتمعات النامية.

وتكمن التكلفة الأكبر في استثمار الوقت الكافي من أجل ترسيخ الآليات والإجراءات الملائمة حتى تصبح جزءا لا يتجزأ من الثقافة المؤسسية. إن الإستثمار في تعزيز الأداء الإجتماعي يحقق قيمة مضافة لكل من المؤسسة والمجتمع ككل ويسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

إذا كان عليك تقديم المشورة لمؤسسة تمويل أصغر منشأة حديثًا، فما هي العوامل الأساسية التي يجب أن تأخذها في الاعتبار لكي تنجح في ترجمة رسالتها الاجتماعية إلى ممارسة فعلية؟

يجب ألا ننسى الهدف الرئيسي من تقديم الخدمات المالية وغير المالية لمحدودي الدخل وهو تحسين المستوى المعيشي والحد من الفقر في المجتمعات المحلية. ولأي مؤسسة تعمل في مجال التمويل الأصغر ومتناهي الصغر، أنصحها بما يلي:

• الموازنة بين الأهداف المالية والمسؤولية الاجتماعية من خلال تحقيق التوازن بين تكاليف المؤسسة والوصول للعمق وتعزيز القيمة لدى العملاء.
• ترسيخ مبادئ حماية العميل لدى العاملين، وترجمتها في السياسات واللوائح وتكون كافة الممارسات مع العاملين شفافة وواضحة وعادلة لتعزيز الثقة بالمؤسسة.
•  الإهتمام بتنمية الموارد البشرية داخل المؤسسة ونشر الوعي وتثقيف العملاء.
• وضع خطة طويلة المدى وفعالة لخدمة المجتمع والعاملين تعتمد على العائد من الأنشطة وليس على المنح والتبرعات.
• التركيز على جعل المؤسسة أفضل لا أكبر مما يحقق الكفاءة والفاعلية.

وتعمل جمعية رجال أعمال الدقهلية حاليا على الحصول على اعتماد الحملة الذكية، وهي شهادة عالمية لتعزيز حماية العملاء وترقية معايير الممارسات في التمويل الأصغر. >>  تعرف أكثر على جمعية رجال الأعمال بالدقهلية.