مدونة البوابة

هل تريد سد الفجوة بين الجنسين في الشمول المالي؟ يجب أولا سد الفجوة في البيانات!

مطالبة الهيئات العالمية الرئيسية بإدراك أهمية البيانات المصنفة حسب النوع
مجموعة من نساء الحي في أحمد آباد، الهند. تصوير: باولا برونشتاين، Ghetty Images.

أثناء حضوري "المنتدى العالمي لسياسات الشمول المالي" الذي نظّمه "التحالف العالمي للشمول المالي (AFI)" بمدينة سوتشي الروسية في سبتمبر/أيلول 2018، التقيت مع السيدة/ لبنى هلال، نائبة محافظ البنك المركزي المصري؛ وقد تشاركت معي بآخر مهامها وهي: جمع البيانات المصنفة حسب نوع الجنس من مقدمي الخدمات المالية بما يتيح لها قياس مدى فجوة الشمول المالي بين الجنسين و العمل على سدّ هذه الفجوة.

إن هذا الالتزام هو أكثر أهمية مما يبدو. لأن جمع البيانات المصنفة حسب نوع الجنس من مقدمي الخدمات المالية؛ لا يعدّ من أفضل الممارسات العالمية للبنوك المركزية. وعلى النقيض من ذلك تماما ؛ لا توجد دولة من دول مجموعة السبع (G7) تقوم بذلك. كما أنه من بين دول مجموعة العشرين (G20)، قامت فقط كل من المكسيك والأرجنتين والبرازيل وبولندا والسعودية بإعطاء الأولوية بشكل علني للبيانات المصنفة حسب نوع الجنس الخاصة بالشمول المالي أو الإبلاغ عنها.

وقمت بسؤال السيدة/ لبنى عما دفعها لوضع البنك المركزي المصري في مقدمة ووسط نهج يقارب بين الجنسين من أجل الشمول المالي؛  فأرجعت الفضل في ذلك إلى تأثير التحالف العالمي للشمول المالي والدول الأعضاء فيه.

إن التحالف العالمي للشمول المالي هو عبارة عن شبكة لتعلّم الأقران و تبادل المعرفة فيما بين البنوك المركزية والجهات التنظيمية ويقوم بالتركيز على الشمول المالي. وهو أيضا عضو في منصّة Data2X  وشراكة بيانات الشمول المالي للمرأة (WFID) والتي تهدف إلى تحسين وتوسيع نطاق البيانات المتعلقة بإمكانية حصول المرأة على الخدمات المالية واستخدامها ، من خلال الدعوة وكسب التأييد العالمي والدعم الفني وتبادل المعرفة.

إن أعضاء التحالف العالمي للشمول المالي البالغ عددهم 90 عضوا؛ يمثلون البلدان التي لديها غالبية المستبعدين من الخدمات المصرفية (57%). وهم يمثلون قادة المناصرين لسدّ فجوة البيانات المصنفة حسب نوع الجنس في الشمول المالي، وقد قاموا جميعا بتأييد "إعلان مايا" الذي يمثل أول منصّة التزام تقوم بتشجيع الدول الأعضاء على وضع أهداف ملموسة للشمول المالي. و قد قام حتى الآن ما لا يقل عن 27 من الجهات التنظيمية والبنوك المركزية بجعل هذه الالتزامات مرتبطة بتمكين المرأة. وبالنسبة للبنك المركزي المصري،  فهو يهدف إلى تقليص الفجوة بين الجنسين إلى النصف بحلول عام 2025. وقد تعهدت كمبوديا بتقليص معدّل الاستبعاد المالي للمرأة من 27% إلى 13% بحلول عام 2025 ، كما تعهد بنك زامبيا بتقليص الفجوة بين الجنسين إلى النصف من 10% إلى 5%. وقد قامت منصّة “Data2X” من خلال التحالف العالمي للشمول المالي بتوفير تمويل للبنك المركزي المصري وبنك زامبيا من أجل إنشاء وتحسين بيانات الخدمات المالية المصنفة حسب نوع الجنس المتعلقة بجانب العرض الخاص بهما. وسوف يكون من شأن تجاربهما تزويد الدعم المستقبلي لمنصّة “Data2X” بالمعلومات من أجل بناء نظم بيانات على المستوى الوطني.

إن التحالف العالمي للشمول المالي يستحق تقديرا كبيرا لقيادته وجذب الانتباه لفجوة البيانات بين الجنسين في الشمول المالي. إلا أنه مع وجود أكثر من 40% من المستبعدين من النظام المصرفي ليسوا من الدول الأعضاء في التحالف؛ يجب على المجموعات الأخرى التي لديها انتشار وتأثير أن تحذو حذوهم؛ مثل مجموعة العشرين (G20) ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي (APEC) ودول منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OECD). فعلى سبيل المثال ؛ يوجد لدى مجموعة العشرين دور قيادي في هذا المجال من خلال منصّة الشراكة العالمية للشمول المالي (GPFI). وعلى الرغم من أن هذه المنصّة تدعو بشكل دوري إلى اتخاذ الإجراءات بما في ذلك تعزيز المساواة بين الجنسين في إمكانية الحصول على التمويل واستخدامه ، إلا أن بوسعهم القيام بالمزيد في هذا الشأن.

على سبيل المثال؛ يوجد لدى منصّة الشراكة العالمية للشمول المالي (GPFI) أداة حيوية عبارة عن مجموعة من مؤشرات الشمول المالي حول الاستخدام وإمكانية الوصول والتثقيف المالي وحماية العميل والحواجز التي تحول دون استخدامها. ويتم تحديد بعضها حسب نوع الجنس (معظمها في جانب الطلب ، بفضل بيانات من البنك الدولي)، إلا أنه لا تزال هناك فجوة كبيرة (مثلما هو الحال في الودائع والقروض وتحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة). ومن شأن ذلك أن يمنعنا من رؤية صورة دقيقة للشمول المالي للمرأة. كما أن البيانات المحدودة المصنفة حسب نوع الجنس والمتعلقة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة هي بمثابة فجوة أخرى لا يمكن تجاهلها. كما أن المجموعة المناصرة للمرأة “W20” المنبثقة عن مجموعة العشرين “G20” ؛ وهي عبارة عن شبكة للمشاركة والتركيز على النمو الاقتصادي الذي يشمل الجنسين؛ قد دعت أيضا للشمول المالي وبيانات الجنسين من خلال توصياتها؛ كما أصدرت نداء لقادة مجموعة العشرين (G20) من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.

ويتضمن برنامج عمل "منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا و المحيط الهادي" لعام 2018 ؛ التركيز على الشمول المالي وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، و قد التزم الأعضاء بإعداد مجموعة محددة من التوصيات التي يجب أن تتضمن بشكل منطقي البيانات المصنفة حسب الجنس، وخاصة في الوقت الذي اعتمد فيه المنتدى المبادئ الإرشادية لشمول الجنسين في عام 2017 والتي تشجّع بشكل خاص على تجميع ومراقبة و تقييم البيانات المصنفة حسب نوع الجنس.

كما يوجد لدى منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية (OECD) مسار قوي للعمل على تحقيق الشمول المالي، وقد أصدرت المنظمة مؤخرا مبادئ إرشادية لسياسة التمويل الرقمي والتثقيف المالي والتي تعترف بعوائق التمويل خاصة للمرأة وتسليط الضوء على المزايا المحتملة للتمويل الرقمي للنساء؛ إلا أنها لا تدعو إلى البيانات المصنفة حسب نوع الجنس في القائمة المرجعية للتحقق من إجراءات السياسة أو لقائمة المؤشرات التي تمت التوصية بها.

إن أحد الأسباب الرئيسية لتكثيف الدعوة لاتخاذ الإجراءات بشأن البيانات المصنفة حسب الجنس حاليا؛ هو أن الفجوة بين الجنسين في الشمول المالي قد ثبت أنها صعبة الإغلاق ؛ فقد استمرت الفجوة عند نسبة 9% بالبلدان النامية بين عامي 2011 و2017 ؛ و ذلك وفقا للبنك الدولي في أحدث استقصاء للمؤشر العالمي للشمول المالي “Global Findex”.

إن هدف البنك الدولي لتحقيق الحصول على الخدمات المالية حول العالم بحلول عام 2020 ؛ يعتبر هدفا صعب المنال ما لم يكن هناك استثمار كبير وفوري في البيانات المصنفة من أجل الوصول إلى إجراءات السياسة الرامية إلى معالجة الحواجز القانونية والاجتماعية الفريدة التي تواجهها النساء من أجل الحصول على الخدمات المالية.

إن تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية يتطلب وجود بيانات موثوق بها وفي الوقت المناسب؛ من أجل وجود مرجعية لمتابعة التطور وتحديد الأهداف وتشكيل السياسات العامة وقياس النتائج. وتؤمن منصّة “Data2X” بأنه لا مفرّ من سدّ الفجوة المالية للنساء وأن البيانات المصنفة حسب نوع الجنس هو أمر بالغ الأهمية.

كارين ماثياسن هي مدير الدعم والتأييد العالمي،  Data2X، وهي منصة للدعم الفني والمناصرة تستضيفها مؤسسة الأمم المتحدة وهي مخصصة لتحسين جودة البيانات المصنفة حسب نوع الجنس وإتاحتها واستخدامها ؛ وذلك من أجل تحقيق الفارق الإيجابي في حياة النساء والبنات. Data2X عضو في "مجموعة ممارسات الشمول المالي للمرأة" و "مجموعة عمل البيانات والقياس" التابعة لها. 

 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.