الشمول المالي يمكن أن يدفع عجلة التقدم في تحقيق الأمن الغذائي

تم نشر هذه المدونة في شهر مايو 2024 عبر موقع التحالف من أجل الشمول المالي، ويُمكن قراءة النسخة الإنكليزية منها هنا.
---

سيذهب شخص من بين كل عشرة أشخاص إلى الفراش الليلة دون طعام. يواجه أكثر من 300 مليون شخص حول العالم انعدام أمن غذائي حاد. وتتفاقم هذه الأرقام بسبب النزاعات، وأزمة المناخ، والتبعات الاقتصادية المتبقية لجائحة كوفيد-19.

ما علاقة ذلك بالشمول المالي؟ علاقة كبيرة.

عندما يتمكن الناس من الوصول إلى الخدمات المالية الأساسية، يصبحون أكثر أمانًا غذائيًا. يمكن أن يكون الأمر بسيطًا مثل وجود مكان آمن لحفظ الأموال وتجميعها، بحيث يمكن الوصول إليها في أوقات الأزمات. بدون الوصول إلى الخدمات المالية، من الصعب بناء هذا الاحتياطي. وعندما تضرب الأزمة، لا يوجد "صندوق يوم عصيب" للمساعدة.

في غياب الخدمات المالية الرسمية، يكون خيار الكثيرين الوحيد هو اللجوء إلى بدائل غير رسمية ومحفوفة بالمخاطر ومرتفعة التكلفة، مما يعاقب أولئك الذين هم بالفعل في وضع هش.

بالنسبة لأولئك الذين ينتجون غذاءنا، فإن الوصول إلى التمويل أمر حيوي. خذ على سبيل المثال مزارع صغير، يعمل في قطعة أرض صغيرة بهوامش ربح ضئيلة للغاية. المزارعون رواد أعمال، ويسعون دائمًا لزيادة إنتاجيتهم. لكن لتحقيق ذلك، يحتاجون إلى الوصول إلى الائتمان - لشراء البذور أو الأدوات أو التكنولوجيا. وبدون شمول مالي، يكون الحصول على الائتمان أمرًا صعبًا ومكلفًا.

وهذا ينطبق بشكل خاص على النساء، اللواتي يجدن صعوبة أكبر في الوصول إلى الخدمات المالية. في برنامج الأغذية العالمي، نعمل جاهدين لوضع المزيد من الأموال في أيدي النساء. من خلال ذلك، لا نحسن فقط أمنهن الغذائي، بل أمن أسرهن ومجتمعاتهن أيضًا. نخطط لمساعدة عشرة ملايين امرأة في الحصول على حسابات مالية عبر الهواتف المحمولة بحلول عام 2030. بمجرد أن تحصل المرأة على حساب باسمها، سيفتح لها المجال للوصول إلى خدمات مالية أخرى مثل القروض والائتمان والتأمين، مما يمنحها الوسائل لبناء مستقبل لعائلاتها.

في أوغندا، حيث ينفذ برنامج الأغذية العالمي عملية تحويل نقدي واسعة النطاق في مخيم للاجئين، كان التركيز على تقديم تدريب على المهارات الرقمية والمالية. إلى جانب النساء، نضم الرجال والفتيان في هذه المحادثة. نحن بحاجة إلى رجال يدعمون هذا النهج، ويتحدثون إلى رجال آخرين عن فوائد حصول زوجاتهم على أموال نقدية، وأهمية اتخاذ قرارات مالية مشتركة بشأن احتياجات الأسرة.

في الأردن، الذي يحتل المرتبة الثانية عالميًا من حيث عدد اللاجئين بالنسبة لعدد السكان، يعمل برنامج الأغذية العالمي على توسيع نطاق المحافظ الإلكترونية للمستفيدين في مخيمات اللاجئين، حيث يقدم المساعدة الفنية للحكومة الوطنية في مجالات رقمنة المدفوعات، وعمليات التحقق والمصادقة، وتدريب المستفيدين على كيفية فتح واستخدام المحافظ الإلكترونية.

نتعلم كيفية جعل التحويلات النقدية أكثر فعالية من حيث التكلفة. في السابق، كان لدى برنامج الأغذية العالمي نظام داخلي خاص، حيث كانت جميع العمليات مرتبطة بإجراءاتنا، ويمكن إرسال الأموال فقط إلى بطاقة معينة. اليوم، يمكن للمستفيدين اختيار المكان والطريقة التي يريدون بها استلام النقود. مع هذا النهج الجديد، يوفر برنامج الأغذية العالمي المال، ويمكنه الاستفادة من أنظمة تجارية أكثر مرونة، ويمكنه التحقق بشكل أفضل من أن الأموال تصل إلى الأشخاص المعنيين.

ما هو دور البنوك المركزية والهيئات التنظيمية المالية؟

إذا أردنا معالجة مشكلة الإقصاء المالي التي تواجه المجتمعات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، يجب أن تكون البنوك المركزية والهيئات التنظيمية في طليعة الجهود. يمكنهم المساعدة في إزالة الحواجز التي تعيق الوصول، مثل الحاجة إلى بطاقة تعريف لفتح الحسابات. يمكنهم المساهمة في معالجة قضايا عدم المساواة الاجتماعية وديناميات القوة من خلال ضمان وجود عملية حماية للخدمات المالية، مما يساعد على الحماية من الاستغلال والاعتداء الجنسي.

كما يمكنهم توليد بيانات مفصلة حسب الجنس، تكشف عن الأنماط والفوارق بين الرجال والنساء في الوصول إلى الخدمات المالية. ويمكنهم التأكد من أن مقدمي الخدمات المالية يظهرون توازنًا بين الجنسين في الأماكن التي يتعاملون فيها مباشرة مع الناس.

يمكن أن يكونوا في طليعة حماية المستهلك، مما يساعد على مكافحة الاحتيال، وضمان أن الوصول إلى الخدمات المالية آمن ومتين. يمكنهم قيادة مبادرات التثقيف المالي التي تمنح الناس المهارات اللازمة للعمل في العالم الرقمي.

لا تستطيع البنوك المركزية والهيئات التنظيمية حل هذه القضايا بمفردها، ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن حلها بدونهم. حاليًا، يؤدي الإقصاء المالي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم. إذا تمكنا من توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية للأشخاص الأكثر احتياجًا، ستبدأ هذه الإحصاءات الصادمة عن الجوع في الانخفاض.