كيف يمكن لأنظمة عقارية أقوى أن تحفّز النمو الاقتصادي وتوفّر فرص العمل
إنطلق البارحة مؤتمر البنك الدولي حول الأراضي، والذي يستمر انعقاده حتى يوم 8 مايو 2025 وأردنا أن نُفنّد لكم في هذه المدونة أمثلة ناجحة لإدارة الأراضي ونتائج ملموسة لشمول النساء والشباب مالياً لاسيما في الأرياف والمناطق الزراعية.
يُعدّ الوصول الآمن إلى الأراضي عاملًا أساسيًا في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل. ومع ذلك، نحتاج إلى إصلاح طرق إدارة الأراضي إذا أردنا التصدي لأزمة التوظيف العالمية. إن تحسين الأنظمة العقارية يمكن أن يساعد في تحسين استخدام الموارد الحيوية لمواجهة تحديات التنمية والبنية التحتية الحالية والمستقبلية.
لكن ما هي الأنظمة العقارية بالتحديد؟
هي القوانين والمؤسسات وقواعد البيانات التي تستخدمها الحكومات لإدارة الأراضي. وتشمل هذه القوانين واللوائح التي تحكم حقوق الأراضي، وأسواق الأراضي، واستخداماتها؛ والهيئات المسؤولة عن تنفيذ هذه القوانين؛ إضافة إلى السجلات العقارية والمساحية (التي تحتوي على البيانات الرسمية لملكية الأراضي وحدودها)، وغيرها من نظم المعلومات العقارية التي تستخدمها المؤسسات لتخطيط وتوثيق التغييرات في الحقوق والاستخدامات.
لماذا تُعدّ الأنظمة العقارية أمرًا حيويًا للتنمية الاقتصادية؟
إليك الأسباب:
خلق فرص العمل وتحفيز النمو:
كما أوضح رئيس مجموعة البنك الدولي، أجاي بانغا، في مقال له في صحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن تحسين قواعد الأراضي يسهل ممارسة الأعمال. تسهيل الوصول إلى ملكية العقارات يعزز ريادة الأعمال والابتكار والتوسع، مما يساعد على خلق فرص العمل والمشاريع الجديدة. كما تمكّن الحقوق المسجلة مالكي الأراضي من استثمار ثرواتهم والبحث عن سبل عيش بديلة قد تؤدي إلى وظائف أكثر مهارة.
تحفيز رأس المال الخاص:
من خلال حقوق الملكية المسجلة والقواعد الشفافة، يمكن للناس استخدام أراضيهم كضمان للحصول على الائتمان الخاص، الذي يمكن استثماره بعد ذلك في الأعمال والمساكن وسبل العيش. في المناطق الحضرية، يمكن أن تعزز السجلات الرقمية للأراضي الوصول إلى الائتمان بنسبة 10.5% في المتوسط، وترتفع إلى 15% بمرور الوقت.
تمويل البنية التحتية والخدمات الأساسية:
تُعد ضرائب الأراضي والممتلكات مورداً غير مستغل في البلدان منخفضة الدخل، حيث تدرّ فقط 0.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 2.2% في الدول الصناعية. من خلال تحديث السجلات العقارية وتحسين أنظمة التقييم، يمكن للأنظمة العقارية أن توفر مصدر دخل حكومي مستقر لتمويل البنية التحتية والخدمات العامة.
توسيع الوصول إلى الطاقة:
من المتوقع أن يزداد الطلب على المعادن الحيوية بأكثر من 450% بحلول عام 2050 مقارنة بعام 2018. وقد يقع أكثر من نصف هذه الموارد في أراضٍ تابعة للسكان الأصليين أو قريبة منها، لكن لا يُعترف رسميًا إلا بنصف حقوق تلك الأراضي. من الضروري تأمين الحقوق القائمة لتفادي النزاعات، وتشجيع الاستثمارات المستدامة، وضمان استفادة المجتمعات المحلية من فرص التوسع في الطاقة.
مساعدة المدن على إدارة النمو العمراني:
بحلول عام 2050، سيعيش ثلثا سكان العالم في المدن، ويحتاجون إلى أماكن للسكن والعمل والوصول إلى المساحات الخضراء. يمكن للأنظمة العقارية الدقيقة أن تضمن حماية المنازل والمساحات العامة، وتحديد الأراضي المتاحة للتطوير السكني أو البنى التحتية. كما يمكن ربط هذه البيانات بمعلومات عن مخاطر الكوارث للمساعدة في التخطيط الحضري الحساس للمخاطر وتقديم الدعم بعد وقوع الكوارث.
دعم المرأة وتعزيز الأمن الغذائي:
تحسين وصول النساء إلى الموارد الإنتاجية، بما فيها الأراضي، يمكن أن يمكّنهن من إنتاج كمية أكبر من الغذاء تتراوح بين 20 إلى 30%. وقد يؤدي ذلك إلى زيادة الإنتاج الزراعي الوطني بنسبة تصل إلى 4%، فضلًا عن الآثار الإيجابية على تغذية الأطفال وصحتهم وتعليمهم.
لهذا السبب، يستثمر البنك الدولي 2.9 مليار دولار لتعزيز الأنظمة العقارية في 31 دولة. وتشمل المشاريع الممولة من البنك تسجيل حقوق الأراضي القائمة (بما في ذلك حقوق النساء)، ورقمنة الأنظمة العقارية، وتعزيز استخدامات الأراضي المستدامة، وتسهيل الوصول إلى الأراضي للبنية التحتية. ومن الأمثلة على ذلك:
- في إندونيسيا، ساهم تمويل البنك الدولي في تسجيل أكثر من 8 ملايين قطعة أرض — 42% منها بأسماء نساء — لتأمين الحيازة وتحفيز إدارة الأراضي المستدامة. وسجل البرنامج الحكومي أكثر من 60 مليون قطعة خلال السنوات الثماني الماضية، مما أوجد أكثر من 38,000 وظيفة، وزاد عدد شركات المسح الخاصة 12 ضعفًا. وسيسجل مشروع جديد مدعوم من البنك حقوق ملكية أكثر من 11 مليون شخص، ويصل بالخدمات الرقمية إلى نحو 15 مليون نسمة، ويقدم 500 مخطط مكاني، ويحسّن تقييم الأراضي في 100 حكومة محلية.
- في ساحل العاج، ساعد البنك الدولي في تسريع تسجيل الأراضي الريفية، مما عزز من أمن الحيازة (خاصة للنساء)، وزاد الثقة في الخدمات الحكومية، وقلّص النزاعات العقارية، وشجع الإدارة المستدامة. وقد أنجز هذا المشروع خلال خمس سنوات عددًا من السجلات العقارية يعادل خمسة أضعاف ما تم إصداره في العشرين عامًا السابقة، مما مهد الطريق لمشروع جديد يهدف إلى خلق 4,000 وظيفة جديدة أو محسنة — 30% منها للنساء — وتوصيل أكثر من 1.4 مليون شخص بخدمات التسجيل العقاري الرقمية في نصف مناطق البلاد.
- في كولومبيا، يدعم البنك الدولي ست بلديات تجريبية لتقوية أنظمتها العقارية من خلال تبسيط إجراءات السجل العقاري البلدي وتوحيد إدارة الضرائب. وقد أدت هذه الإصلاحات إلى زيادة متوسط إيرادات ضرائب الملكية بنسبة 35%، ووصلت الزيادة إلى 150% بين عامي 2021 و2023، كما خفّضت اعتماد البلديات على موارد الحكومة المركزية بنسبة تصل إلى 24% بين عامي 2019 و2023. ومنذ أن بدأت بوغوتا بتحديث سنوي لسجلاتها العقارية عام 2010، ارتفع عدد العقارات في السجل بنسبة 25%، وارتفعت إيرادات ضرائب الملكية ثلاثة أضعاف لتصل إلى 1.1 مليار دولار، كما انخفضت كلفة تحديث السجل لكل قطعة من أكثر من 135 دولارًا عام 2005 إلى 10 دولارات فقط.
للمزيد من المعلومات، ندعوكم لمشاهدة الجلسة الافتتاحية لمؤتمر البنك الدولي حول الأراضي تحت عنوان "كيف تخلق الأنظمة العقارية فرص العمل وتفتح آفاق مستقبل الطاقة" عبر الرابط التالي.
هذه المدونة منشورة باللغة الإنكليزية عبر موقع البنك الدولي.