هل تستحق الثقافة المالية كل هذا الجدل؟

مصطفى عبد الخبير هو رائد أعمال مصري وهو الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة مصروفي للتكنولوجيا المالية والتي تقدم خدمات الدفع الرقمي للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عامًا.
يمتلك مصطفى خبرة واسعة تمتد لـ 16 عامًا كمدير لأبحاث السوق، حيث ساهم بشكل كبير في نجاح أبرز شركات العقارات المتخصصة في مصر من خلال تطوير استراتيجياتها وتعزيز مكانتها في السوق عبر ممارسات بحثية ومعلوماتية شاملة. إلى جانب مسيرته المهنية في القطاع المؤسسي، يمتلك مصطفى خبرات واسعة في مجالات التسويق المختلفة. يعمل حاليًا على قيادة التحول الرقمي في مصروفي، بهدف دمج تقنيات واستراتيجيات مبتكرة في عمليات الشركة.
تحت قيادته، نجحت مصروفي في تأمين استثمار بقيمة 1.5 مليون دولار لتوسيع خدماتها، مما يعكس التزامه بالشمول المالي والابتكار.
يتفق العديد من الخبراء الماليين في منطقة الشرق الأوسط والخليج، خاصة في قطاع التكنولوجيا المالية، على أن التثقيف المالي يؤثر على المعرفة المالية والسلوكيات اللاحقة[1]. ومع ذلك، هناك حجج مضادة[2] تشير إلى أن برامج الثقافة المالية غالبًا ما تفشل في معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار المالي، خاصة بين الفئات الهشة. كما تشير هذه الحجج المضادة إلى محدودية البيانات المقدمة من قبل الأفراد (كما مثلاً إجاباتهم على الإستبيانات التي تلي دورات التثقيف المالي)، والتي يمكن أن تشوه النتائج ولا تعكس السلوك الفعلي (كما يتضح من الفجوات بين البيانات المقدمة من قبل الأفراد والبيانات الإدارية). بالإضافة إلى ذلك، يتطرّق المشككون بجدوى الثقافة المالية إلى الطبيعة العامة وغير المتسقة لبرامج الثقافة المالية، مما يجعل من الصعب تعميم فعاليتها، حيث تستخدم البرامج المختلفة أساليب ومعايير مختلفة للنجاح.
جلسنا مع مصطفى عبد الخبير، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "مصروفي" للتكنولوجيا المالية، لطرح السؤال الصعب: هل الثقافة المالية اليوم ضرورية ومفيدة؟
بصفتك لاعبًا رئيسيًا في مجال الثقافة المالية للأطفال في مصر اليوم، كيف ترد على الانتقادات القائلة بأن برامج التعليم المالي مجرد إهدار للوقت والمال؟
مصطفى عبد الخبير:
"مصروفي" هو أول نيوبنك يدعم الدفع غير النقدي للأطفال دون سن 16 عامًا في مصر. نقوم بإصدار بطاقات مدفوعة مسبقًا يمكن للأطفال استخدامها في الإنفاق، والتفاعل مع والديهم من خلال تطبيق الهاتف المحمول. من خلال التطبيق، يمكنهم الادخار، والكسب، والاستثمار، والعطاء/التبرع والمزيد، وكل ذلك تحت إشراف الأهل.
تتمثل رؤيتنا بخلق جيل يتمتع بوعي مالي قوي، مما يؤدي إلى ثورة مالية في الشرق الأوسط. ويستند موقفنا القوي بشأن الثقافة المالية إلى 4 عوامل رئيسية يمكن أن تفند أو ترد على الحجج المضادة المذكورة آنفاً:
نحن لا نقوم بالتثقيف لمجرد التثقيف، بل نسعى لمعالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار المالي من خلال التثقيف المبكر
يشكل الجهل المالي تهديدًا كبيرًا للرفاه الفردي والمجتمعي على حد سواء، حيث يساهم في اتخاذ قرارات مالية سيئة ويؤدي إلى استمرار دوائر عدم الاستقرار المالي أو الهشاشة. تقوم شركة مصروفي بالتصدي لهذه المشكلة من خلال تزويد الأطفال بالمهارات الأساسية اللازمة لإدارة أموالهم، وفهم المنتجات المالية، واتخاذ قرارات مستنيرة. من خلال تعليمهم مبادئ إعداد الميزانية، والادخار، والاستثمار، تمكّن مصروفي الأطفال من كسر دائرة الأمية المالية التي قد تنتقل عبر الأجيال، مما يضمن أن يكون البالغون في المستقبل أكثر استعدادًا للأمن المالي والاستقرار.
نبني على دراسات مؤكدة تتعلق بالتطور المعرفي والثقة: التأثير المبكر للتثقيف المالي
يلعب التثقيف المالي دورًا محوريًا في التطور المعرفي والعاطفي للأطفال. أظهرت الأبحاث، بما في ذلك دراسات من جامعة كامبريدج[3]، أن الأطفال يبدأون في تكوين عادات مالية في سن السابعة. ففي عام 2013، أجرى الباحثان ديفيد وايتبريد وسو بينغهام من جامعة كامبريدج دراسة بعنوان "تشكيل العادات والتعلم لدى الأطفال الصغار"، حيث استعرضا دراسات سابقة لتحديد كيفية تعلم الأطفال، وخاصة فيما يتعلق بالمال. استنتج الباحثان أن العادات المالية، بما في ذلك القدرة على التخطيط المسبق وتأجيل الإشباع، تتشكل عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، وتحديدًا بحلول سن السابعة. تركز شركة مصروفي هذه الفترة الدقيقة من نمو الطفل من خلال تعليم المبادئ المالية التي تعزز الثقة والاستقلالية. لا يحسن التعرض المبكر لإدارة الأموال من قدرات الأطفال على اتخاذ القرارات فحسب، بل يساعد أيضًا في تشكيل سلوكيات مالية مسؤولة تفيدهم طوال حياتهم. بذلك، تضمن منهجية مصروفي أن يكون الأطفال مستعدين لمواجهة التحديات المالية بثقة وكفاءة.
نتحاور مع الأطراف الأخرى لمواجهة تحديات التثقيف المالي الإقليمية: سد الفجوة التعليمية
تظل معدلات التثقيف المالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أقل بكثير من المتوسطات العالمية، حيث يُظهر 30.07٪ فقط من سكان الدول العربية معرفة مالية[4]. تدرك شركة مصروفي التحديات الإقليمية الفريدة، بما في ذلك نقص الخبرة المالية العملية وعدم كفاية المناهج المدرسية في المواضيع المالية وتتعامل الشركة مع هذه الفجوات من خلال التركيز على التثقيف المالي الواقعي، وتعليم المهارات الحاسمة مثل إعداد الميزانية، وإدارة الديون، وفهم الائتمان. يضمن هذا النهج ألا يكون الشباب على دراية بالمفاهيم المالية فحسب، بل أيضًا قادرين على تطبيقها لمواكبة بيئة مالية تزداد تعقيدًا.
نسعى إلى نهج شامل للتثقيف المالي
تدعو شركة مصروفي إلى تحمل مسؤولية جماعية لضمان التثقيف المالي، مؤكدةً أن التعليم المالي لا يمكن أن يكون مسؤولية المدارس أو الوالدين وحدهم. تؤمن الشركة بأن الحكومات، والمؤسسات المالية، والمجتمعات يجب أن تعمل معًا لإنشاء نظام يدعم التثقيف المالي الشامل. في المناطق التي تندر فيها برامج التثقيف المالي، تقود مصروفي الطريق من خلال تعزيز التثقيف المالي في المدارس وتعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات. من خلال خلق أوجه تآزر والاستفادة من الأدوات الرقمية، تضمن مصروفي أن تكون الأجيال القادمة مجهزة جيدًا لاتخاذ قرارات مالية مستنيرة والمساهمة في مجتمع أكثر وعيًا ماليًا.
كيف تعمل استراتيجية "مصروفي" الرقمية للثقافة المالية على تمكين الأطفال والشباب بفعالية، وما هي الضمانات التي تنفذها المنصة للتخفيف من المخاطر المحتملة مثل الإفراط في الاستدانة بين الفئات الأصغر سنًا؟
مصطفى عبد الخبير:
أثناء النمو، يتعلم معظم الأطفال من المدرسة، وما لا يتعلمونه في المدرسة يتعلمونه عمومًا من والديهم. لكن عندما يتعلق الأمر بالعادات المالية، قد لا يكون ذلك هو الحل الأمثل. في مصر وحدها، يفتقر أكثر من 20 مليون طفل إلى المعرفة المالية الأساسية.
هنا يأتي دور مصروفي كأول شركة تكنولوجيا مالية في مصر مخصصة للتعليم المالي المبكر للأطفال. تتيح الشركة للأطفال استخدام بطاقات مدفوعة مسبقًا للإنفاق في أي مكان وسحب الأموال من أجهزة الصراف الآلي، تحت إشراف وإدارة الوالدين.
مصروفي ملتزم بتمكين الأطفال من خلال تعريفهم بمبادئ الاقتصاد غير النقدي وتزويدهم بالأدوات اللازمة لإدارة أموالهم بمسؤولية. على سبيل المثال، بدلاً من تقديم نموذج "اشتر الآن وادفع لاحقًا"، تعتمد شركة مصروفي نهج "ادخر الآن وادفع لاحقًا"، مما يعزز عقلية الادخار ويشجع الإنفاق المسؤول.
ما هي التدابير الإضافية أو الجهود التعاونية التي تعتقد أنها ضرورية لتعزيز نظم الثقافة المالية، وكيف يمكن للقطاعات المختلفة - مثل الحكومات والمؤسسات المالية والمجتمعات - أن تلعب دورًا أكثر فاعلية في دعم هذه المبادرات؟
مصطفى عبد الخبير:
تسعى شركة مصروفي إلى بناء شراكات فاعلة بدلاً من تطوير جميع الخدمات داخليًا، وتتطلع إلى التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية الأخرى لإنشاء نظام بيئي شامل ومتكامل.
نحن محظوظون بدعم قوي من البنك المركزي المصري لتعزيز الثقافة المالية، ونسعى بنشاط للشراكة معه لتوسيع نطاق خدماتنا والوصول إلى شريحة أكبر من السكان المصريين.
بذلك، تسعى شركة مصروفي لخلق جيل واعٍ ماليًا، مما يسهم في تحقيق ثورة مالية في الشرق الأوسط.
من الجدير الذكر أنّ شركة مصروفي قد تلقت في شهر يونيو 2024، جائزة "رواد الأعمال" ضمن فعاليات قمة "مصر للأفضل" في دورتها التاسعة. يُمكن الإطلاع على خدماتهم عبر تحميل تطبيق مصروفي أو زيارة الموقع الإلكتروني: https://masroofi.net/
[1] انظر أيضًا: كايزر، لوساردي، مينكهوف وأوربان، 2020: التثقيف المالي يؤثر على المعرفة المالية والسلوكيات اللاحقة:
https://www.nber.org/papers/w27057