أسئلة وأجوبة حول الخدمات المالية للشباب والأطفال
بحسب الأمم المتحدة، وصلت نسبة الشباب في تعداد السكان في جميع أنحاء العالم إلى أعلى المستويات تاريخيًا– وهناك حوالي 1.8 مليار شاب في الشريحة العمرية من 10 - 24 سنة، يعيش 9 شباب من بين كل 10 منهم في بلدان أقل نموًا. وهذا يمثل إمكانات جوهرية لم تُستغل بعد من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية للأجيال المستقبلية.
وأظهرت الأبحاث أن هناك علاقة طردية بين الشمول المالي والنمو الاقتصادي والتوظيف. ويُنظر إلى الشمول المالي بوصفه أداة لزيادة الاستقرار المالي، وتحفيز النمو، والمساعدة في مكافحة الفقر. وفيما يتعلق بالشباب، أظهرت مجموعة من الدراسات عبر جميع أنحاء العالم نتائج إيجابية للشمول المالي، مثل زيادة معدلات الادخار وزيادة الثروة المالية، وزيادة المعرفة والمهارات المالية، وتحسين الحالة النفسية والصحة الإنجابية والجنسية، وتحقيق المزيد من التحصيل العلمي والدراسي، وزيادة متوسط العمر المتوقع. وعلاوة على ذلك، بالإمكان تحقيق المزيد من النتائج من خلال ضم الشمول المالي مع مقررات التعليم والتثقيف، لا سيما، حسابات التوفير. وتسلط النتائج الضوء على الآثار الإيجابية الناتجة عن التثقيف المالي، واستخدام الحسابات، وعملية صنع القرار لدى الطفل، واحتمال حصول الشباب على فرصة عمل، وزيادة معدلات وأحجام الادخار والاستخدام النشط للمنتجات المالية.
وعلى الرغم من التوافق العام والأدلة والشواهد الكافية بشأن منافع الشمول المالي، لا يزال هناك عدد كبير من الأطفال والشباب في جميع أنحاء العالم لا تتوفر لهم سبل وصول إلى منتجات وخدمات مالية تراعي احتياجات وظروف الأطفال والشباب. وعلى مستوى العالم، لا تتجاوز نسبة الشباب في الشريحة العمرية (15- 24 سنة) الذين لديهم حسابات في مؤسسات مالية رسمية 46% مقارنة بما بلغ 66% بالنسبة للكبار (في الشريحة العمرية 25 سنة فأكثر). ونجد أن هذه الأرقام أكثر دلالة عندما نتفحص سلوكيات الإدخار والتوفير. فلا تتجاوز نسبة الشباب الذين يقومون بنشاط ادخار في مؤسسات رسمية 18% مقارنة بما بلغ 30% بالنسبة للكبار. وفيما يتعلق بالقروض والتسهيلات الائتمانية، لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يقومون بنشاط اقتراض من مؤسسات رسمية 5% مقارنة بما بلغ 12% بالنسبة للكبار.
هناك العديد من الأسباب لعدم حصول الأطفال والشباب على خدمات مالية كافية من مقدمي الخدمات المالية وتتباين هذه الأسباب من بلد إلى آخر. فأولًا وقبل كل شيء، تمثل المعوقات التنظيمية والتشريعية أكبر حجر عثرة أمام الشمول المالي. فتحديد حد أدنى للسن واشتراط وجود ما يثبت الهوية من أجل فتح الحسابات يحول دون حصول العملاء من الشباب على خدمات مالية. وعدم القدرة على امتلاك وإدارة الحساب البنكي الشخصي يمكن أن يثبط الهمة لا سيما بين الشباب.
ثانيًا، غالبًا ما يتكبد مقدمو الخدمات المالية تكاليف معاملات ونقل ومواصلات وتكاليف فرص بديلة أعلى في البلدان التي تعاني من ضعف البنية التحتية والشبكات. وبالتالي، نجد العملاء الضعفاء والأولى بالرعاية لا يزالون يعانون من ضعف مستوى الخدمات.
ثالثًا، باعتبار أن للشباب والأطفال سماتهم وخصائصهم واحتياجاتهم الفريدة من نوعها، ربما تكون بعض المنتجات والخدمات المالية غير مناسبة أو جاذبة لهم دائمًا. وأظهرت الدراسات أن العملاء من الشباب لديهم سبل دخل غير منتظمة ويميلون إلى عمل إيداعات صغيرة ــ ما يؤدي إلى وجود تصور أن هذا القطاع يمثل خيارًا محفوفًا بالمخاطر في مقابل قطاع السوق الناضج.
رابعًا، من الممكن أن تكون محدودية القدرات والخبرات المالية لدى الأطفال والشباب عائق يحول دون الوصول إلى النظام المالي. ونظرًا لمحدودية المعرفة التي يتمتع بها الشباب والأطفال بشأن كيفية التعامل مع الخدمات المالية وكيفية الاستفادة منها، فإنهم يميلون إلى الابتعاد عن النظام المالي.
ووفق دراسة قامت بها المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب تضمنت مسحًا استقصائيًا للبنوك في بلدان وسط وغرب أوروبا، تمت الإشارة إلى المعوقات التنظيمية والتشريعية بوصفها الأكثر أهمية إذ تحول دون قيام مقدمي الخدمات المالية باستهداف الشباب وحديثي السن، ويأتي بعد هذه المعوقات تدني مستويات التثقيف المالي، وضعف اهتمام الشباب بالأمور المالية، وعدم توفر دخل يمكن صرفه.
وأخيرًا وليس آخرًا، فعلى الرغم من سعي الشباب للحصول على تمويل لبدء أنشطة أعمالهم وتحقيق نمو لها، ربما يكون لديهم توقعات وآمال غير واقعية بشأن احتياجات أنشطة الأعمال الخاصة بهم، كما قد يفتقرون إلى الخبرات العملية الضرورية أو قد لا يكون لديهم تاريخ ائتماني.
بمقدور السلطات الحكومية التي تقود الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الشمول المالي المساهمة في تشجيع إدماج الشباب ماليا، لكن حتى الآن لا نجد سوى عدد غير كبير من البلدان التي اختصت الأطفال والشباب باعتبارهم مجموعة مستهدفة في الإستراتيجيات الوطنية للشمول المالي الخاصة بها، وتأتي بيرو ونيجيريا وزيمبابوي أمثلة واضحة على ذلك. وعلاوة على ذلك، وبفضل الجهود المشتركة من جانب البنوك المركزية، ومقدمي الخدمات المالية، ومنظمات المجتمع المدني، تم خفض الحد الأدنى للسن المطلوبة لفتح حساب بنكي في بلدان مثل كولومبيا وأورغواي والفلبين والهند ومنغوليا. وعلاوة على ذلك، شهدت أوغندا وغانا وكينيا والهند ونيبال إجراءات تدخلية لقبول مستندات بديلة لإثبات الهوية، ما جعل الأمر أكثر سهولة بالنسبة للأطفال لفتح حسابات بنكية بأسمائهم والاستفادة من الخدمات المالية بصورة فعالة.
وتستلزم الجهود العالمية لتوسيع نطاق الشمول المالي للأطفال والشباب وجود مصادر تمويل. وبمقدور مؤسسات التمويل ومن بينها المؤسسات الحكومية والمؤسسات الخيرية الشروع في الجهود اللازمة لوضع الشمول المالي للشباب ضمن أجندة الأولويات، ومساندة البرامج المرتبطة بالتثقيف المالي، وتطوير خدمات مالية جديدة ومبتكرة للشباب، وكذلك برامج أخرى ذات صلة.
وبالإضافة إلى قيامها بدور بالغ الأهمية في تنفيذ مبادرات الشمول المالي للشباب، بمقدور منظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة المساهمة في تقديم خدمات استشارية، وتوفير مصادر للمعلومات والموارد اللازمة (على شبكة الإنترنت)، وتنظيم المؤتمرات والفعاليات ذات الصلة، وزيادة الوعي بشأن هذه القضية.
من الضروري أخذ السمات الخاصة للأطفال والشباب في الاعتبار، مثل السن ونوع الجنس والمرحلة العمرية والخلفية الثقافية والحالة المالية، عند تصميم المنتجات والخدمات المالية لتلبية احتياجاتهم. ومن الممكن أن تساعد أبحاث السوق مقدمي الخدمات المالية على إيجاد منتجات وخدمات أكثر استدامة وتراعي احتياجات وظروف الأطفال والشباب، ما يؤدي إلى استخدام أكثر نشاطًا وسلوكيات مالية أفضل بين العملاء من الشباب.
وحددت هذه الدراسات مجموعة من السمات والخصائص لأفضليات الشباب بالنسبة للخدمات المالية الرسمية في البلدان النامية. لكن أيًا ما كان الأمر، قد تكون هذه العناصر وثيقة الصلة بالبلدان المتقدمة أيضًا، علمًا بأن ليس جميع البنوك تقدم خدمات ومنتجات مالية تراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب. وفيما يلي ملخص للسمات والخصائص الشائعة:
- القدرة على الدفع. تمثل القدرة على الدفع أحد الشواغل الأساسية للشباب بشأن استخدام الخدمات المالية.
- توفير سبل الوصول إلى الخدمة. يفضل الشباب سهولة سبل الوصول إلى خدمات الإيداع والسحب في أي وقت.
- الفائدة على حسابات التوفير/ المدخرات. على الرغم من أن الفائدة غير مصنفة ضمن الأولويات القصوى وتعتمد على السياق الثقافي، يفضل الشباب الحصول على فائدة على مدخراتهم.
- القيود والمعوقات. لمنع إساءة استخدام أو إساءة إنفاق الأموال، ينظر المستخدمون من الشباب إلى القيود والمعوقات على حساباتهم نظرة إيجابية.
- الفرص. يُولي الشباب الأكبر سنًا قيمة لفرص القروض والتسهيلات الائتمانية التي يمنحها مقدمو الخدمات المالية.
- خصوصية وسرية العميل وتحقيق عنصر الأمان له. لدى الشباب رغبة في إدارة الحسابات الخاصة بهم بصورة مستقلة عن أولياء أمورهم، مع وجود إجراءات حماية لأموالهم.
- التقارب المكاني والراحة. ثمة رغبة في الحد من عمليات الانتقال والتكاليف المرتبطة باستخدام الخدمات المالية.
- البساطة. يفضل الشباب عدم كثرة الأعمال الورقية والاشتراطات الخاصة بتقديم المستندات لفتح حساب وإجراء معاملات.
- الشفافية والمتابعة. يرغب الشباب في الحصول على معلومات واضحة بشأن شروط وبنود المنتجات، كما يرغبون في معرفة الرصيد الموجود في حساباتهم.
- خدمة العملاء التي تراعي الشباب. يُنظر إلى الشعور بالاحترام والترحيب من جانب المؤسسات المالية بوصفهما من الأساسيات التي يحبذها الشباب لاستخدام الخدمات المالية الرسمية.
وقد يكون من غير الواقعي دمج كل عنصر من هذه الأفضليات في تصميم المنتج كما لا يمكن أن يحقق ذلك الاستدامة بالنسبة لبعض المؤسسات. وبالتالي، يتعين على مقدمي الخدمات المالية وضع أوزان ترجيحية لهذه الأفضليات مقابل القدرات المؤسسية لتحديد مدى جدوى المنتج واستدامته المالية.
قد يتباين المنتج البنكي الذي يراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب بحسب المؤسسات والبلدان. ونجد أن المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب، وهي شبكة عالمية تضم العديد من أصحاب المصلحة وتعمل على تشجيع المواطنة الاقتصادية للأطفال والشباب، تُعرّف المنتج البنكي الذي يراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب بوصفه المنتج الذي يركز على تحقيق تراكم الأصول والثروة، والإدارة المالية، وتنمية المهارات، مع احترام ودعم حقوق الأطفال والشباب. وترى المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب أنه من الضروري استكمال المنتج البنكي الذي يراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب بمكوّن خاص بتربية المواطنة الاقتصادية، على أن يجمع ذلك جوانب التثقيف المالي والتربية الاجتماعية والتثقيف الخاص بسبل كسب الرزق للأطفال والشباب. ولضمان أن حسابات التوفير أو الحسابات الجارية تحمي مدخرات الشباب، على المؤسسات المالية التأكيد على أن سمات وخصائص المنتجات تتوافق مع عدد من مبادئ الخدمات المصرفية للأطفال والشباب الواردة في الشكل البياني أدناه.
مع نمو الأطفال، تتطور قدراتهم لاستيعاب المعلومات الأكثر تعقيدًا واتخاذ قرارات عقلانية بناء على المعلومات المتاحة لهم. وتتطور القدرات العقلية والفكرية لديهم، ويتعلمون استيعاب المفاهيم مثل المال وقيمته، والتفرقة بين السلوكيات المالية الجيدة والضارة، كما يبدأون في جعل عادات الادخار سلوكًا ذاتيًا.
ومن الضروري أن تزيد قدرات الطفل بشأن السيطرة على كيفية إدارة وإنفاق الأموال مع زيادة السن وزيادة المعارف المالية. وتشير الأبحاث إلى أن الأطفال، لا سيما الصغار، قد يتكون لديهم تصور أن حسابات التوفير تخصهم إذا كانت هذه الحسابات بأسمائهم، وإذا استطاع الطفل التعامل مع هذه الحسابات. وتبين النتائج أنه عندما يكون لدى الأطفال حسابات توفير في سن مبكرة، فمن المرجح أن تزيد نسب حسابات التوفير الخاصة بهم وبطاقات الائتمان عندما يكبرون بمقدار الضعف، كما من المرجح أن تصل نسبة امتلاكهم لأسهم في شركات إلى 4 أمثال. وتدعم هذه النتائج الفكرة التي مفادها ضرورة أن يتعرف الأطفال على الخدمات المالية الآمنة والموثوقة في سن مبكرة.
ومن المنطلق نفسه، هناك دراسة حديثة بشأن فاعلية حسابات التنمية الخاصة بالأطفال أكدت على تحقيق نتائج إيجابية على الحصافة بشأن المالية العامة للطلاب في سن المدرسة الثانوية، والتوجه المستقبلي لهم، والشعور بالأمن، والمعرفة المالية. وتشير هذه النتائج أيضًا إلى رغبة الطلاب في سن المدرسة الثانوية والشباب الأكبر سنًا في الادخار عندما تُقدم لهم منتجات مالية من مؤسسات موثوقة لها ارتباطات وثيقة مع مجتمعات ودوائر الطلاب. وفي سياق الحصول على الخدمات المالية واستخدامها، فإن سن الخامسة عشرة مهم لأنه يحدد نهاية مرحلة التعليم الإلزامي. وفي هذه السن، يتخذ الشباب قرارات مهمة بشأن مواصلة المزيد من الدراسة أو البحث عن فرص عمل. وأيًا ما كان القرار، سيكون له تداعيات مالية على حياتهم المستقبلية ومسارهم الوظيفي.
وتقدم المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب توصيات بشأن كيفية أن يتناسب تعميم الخدمات المالية مع المراحل المختلفة لتطور وتنمية الأطفال (انظر الجدول أدناه). ومع زيادة عمر الأطفال، والحصول على معلومات وتحمل مسؤوليات أكثر تعقيدًا، يجب أن تتراجع مراقبة أولياء الأمور على سلوكياتهم المالية. ومن الطبيعي أن لكل شاب المسار الخاص به الذي يسير فيه، لكن من الممكن استخدام الفئات العمرية مرجعًا لتقديم الإرشادات الخاصة بتوفير الخدمات المالية للأطفال والشباب.
*(P) تشير إلى انخراط أولياء الأمور
لم يُنشر الكثير حول حماية حقوق عملاء الخدمات المالية من الشباب والأطفال. ولا تقوم الأطراف الرئيسية الفاعلة على مستوى العالم في مجال وضع المعايير الدولية لحماية العملاء في الأسواق المالية والترويج لها، مثل البنك الدولي ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، بفصل الشباب والأطفال بوصفهم مجموعة مستقلة من المستهلكين.
لكن أيًا ما كان الأمر، هناك بعض المؤسسات التي تعمل على سد هذه الفجوة. وفي إطار مشروع البداية للشباب YouthStart في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء (2015-2010)، أعد صندوق الأمم المتحدة للأنشطة الإنتاجية ومؤسسة ماستر كارد مذكرة فنية حول حماية العملاء من الشباب وحددت هذه المذكرة مبادئ حماية العملاء:
- تصميم الأدوات المناسبة وتقديمها. تقوم المؤسسة المالية بتصميم المنتجات المناسبة لاحتياجات العميل من دون الإضرار به.
- منع الإفراط في المديونية. على مقدمي الخدمات المالية توخي العناية الكافية في جميع مراحل إجراءات منح القروض والتسهيلات الائتمانية لتحديد تمتع العملاء بالقدرة على السداد دون الوقوع في براثن الإفراط في المديونية.
- الشفافية. على مقدمي الخدمات المالية نشر المعلومات الواضحة والكافية أولًا بأول على نحو واضح وبلغة مفهومة حتى يتسنى للعملاء اتخاذ القرارات السليمة.
- التسعير المسؤول. يتم وضع التسعير والشروط والأحكام ذات الصلة على نحو ميسور التكلفة بالنسبة للعملاء، مع السماح في الوقت نفسه للمؤسسات المالية بتحقيق الاستدامة.
- المعاملة المُنصفة للعملاء في جو من الاحترام. قيام مقدمي الخدمات المالية والوكلاء التابعين لهم بمعاملة العملاء بصورة عادلة ومنصفة في جو من الاحترام.
- سرية بيانات العملاء. احترام سرية بيانات فرادى العملاء وفق القوانين واللوائح الخاصة بفرادى الولايات القضائية المختلفة.
- آليات حسم الشكاوى. وجود آليات مطبقة لدى مقدمي الخدمات تتسم بالاستجابة والعمل في الوقت المناسب لحسم الشكاوى وحل المشكلات الخاصة بعملائهم، مع استخدام هذه الآليات لحل كل من المشكلات الفردية وتحسين منتجاتهم وخدماتهم.
وتشدد هذه المبادئ التي تم أخذها بتصرف من الحملة الذكية لحماية العميل، والتي تتفق مع المبادئ المصرفية التي تراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب، على المستهلكين الشباب وتقدم لهم التوجيهات فيما يتعلق بالتوعية والمسؤولية عن التمويل الشخصي.
ونظرًا لأن الخدمات المالية الرقمية تعمل على تسهيل سبل الوصول إلى منتجات المدفوعات على نحو أسرع وتيرة وأكثر راحة من ذي قبل، تقوم هذه المنتجات بدور محوري في زيادة سبل تعميم الخدمات المالية، وتقديم التثقيف المالي المطلوب، لا سيما للأطفال. وفي 2017، وبناء على المبادئ المصرفية التي تراعي ظروف واحتياجات الأطفال والشباب، قامت المنظمة الدولية لمالية الأطفال والشباب ومؤسسة ماستر كارد بتحديد ممارسات موصى بها لتطوير منتجات مدفوعات مناسبة للفئة العمرية المعنية (الأطفال حتى سن 18 سنة)، كما هو موضح في الشكل البياني أدناه. وتتناول هذه الممارسات الإنفاق المسؤول، وصنع القرار المالي، وفي الوقت نفسه تضمين الوظائف التي من شأنها السماح بتقديم إرشادات، مع توجيهات أولياء الأمور الرامية إلى تحقيق الاستقلال المالي للطفل.
نعم، من الممكن أن تتسم الخدمات المالية للشباب بالاستدامة بالنسبة لمقدمي الخدمات المالية، لا سيما إذا كانت تستغرق أجلًا طويلًا وتتسم بنظرة شمولية للاستدامة تأخذ في الحسبان أن العملاء الشباب سيصبحون كبارًا ويدينون بالولاء لمؤسسة تقديم الخدمات المالية، مع فرص بيع منتجات أكثر لأفراد الأسرة الآخرين.
وحتى يتسنى التعمق أكثر في هذا السؤال، قامت سيجاب بتصميم إطار لتطوير المنتجات المالية للشباب على نحو أكثر استدامة واشتمالًا للجميع. ويأخذ هذا الإطار في الاعتبار ثلاث مستويات تعكس السياقات الداخلية والخارجية للمؤسسات المالية ــ السوق، والمؤسسة، والفئة المستهدفة ــ ويحلل التكاليف والإيرادات المختلفة التي تؤثر على عملية صنع القرار لدى مقدم الخدمة بشأن طرح منتجات ادخار للشباب.
وتم تطبيق هذا الإطار على مؤسسات مالية مختلفة في جميع أنحاء العالم. وأظهرت دراسة لسيجاب تضمنت بنوكًا في منغوليا وألمانيا ونيبال أن تكاليف التسويق والتشغيل والعمليات الخاصة بطرح المنتجات المصرفية للأطفال والشباب كانت كبيرة مقارنةً بالإيرادات المحققة من طرح هذه المنتجات. ونتيجة لذلك، عملت هذه البنوك جاهدة لتغطية تكاليف هذه المنتجات على الرغم من تدني تكاليف الحصول على عملاء. وأيًا ما كان الأمر، اتخذت البنوك المتضمنة في هذا البحث وجهة نظر طويلة الأجل، متوقعة أن تصبح هذه المنتجات مستدامة مع زيادة الأرباح في المستقبل عندما يصبح عملاؤها من الشباب كبارًا. وارتأت هذه البنوك فرصة تمثلت في زيادة الأرباح من خلال زيادة بيع المنتجات الأخرى لأفراد الأسرة من العملاء الشباب. لكن على الرغم من أهمية هذه المبررات وأهمية عنصر الاستدامة، كانت الرسالة الاجتماعية للبنوك هي السبب الرئيسي لإطلاق المنتجات المصرفية للأطفال والشباب.
وأظهرت نتائج مشروع البداية للشباب YouthStart التابع لصندوق الأمم المتحدة للأنشطة الإنتاجية في رواندا وبوركينا فاسو ومالاوي أن هذه المبررات أقوى في البيئات الأكثر تنافسية، كما أنها تتأثر إيجابًا بالمناخ المستقر وارتفاع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي وتدني معدلات التضخم. وعلاوة على ذلك، تمثل البلدان التي تتمتع بنسبة كبيرة من الشباب بين السكان سوقًا واعدًة لم تستغل بعد لمقدمي الخدمات المالية.
وفيما يتعلق بالسلامة المالية لطرح خدمات مالية متكاملة، أظهرت دراسات في مالي وإكوادور أن المؤسسات تتسم بالاستدامة المالية مادامت تحافظ على التكاليف المتغيرة عند أقل مستوى لها، وتستفيد من زيادة هوامش الأرباح من الشباب الأكبر سنًا، وتقوم بعمليات بيع لمنتجات أخرى لأسر الشباب وأصدقائهم. وعلاوة على ذلك، أظهرت دراسات أخرى أن معظم المؤسسات المالية لديها إمكانية تحقيق ربحية في غضون 5 سنوات أو أقل من دون تقديم منح، بل حتى بوتيرة أسرع في حال وجود مساندة مالية. وفي نهاية المطاف، تبين التقارير الأخرى أن مقدمي الخدمات المالية بحاجة إلى عمل مفاضلة بين زيادة الربحية المرتبطة بالمنتجات المقدمة للشباب الأكبر سنًا أو الشباب الأقل سنًا والأقل قدرة.
قام مقدمو الخدمات المالية بتوسيع نطاق الخدمات التقليدية التي يقدمونها من خلال تقديم عدد من حلول التكنولوجيا المالية التي من شأنها تبسيط وتحسين تعميم الخدمات المالية على نحو كبير من خلال الأجهزة الذكية، وتطبيقات الهاتف المحمول، وتقديم الخدمات من خلال شبكة الإنترنت. ونظرًا لزيادة مستويات الثقافة التكنولوجيا بين البالغين اليوم، حققت هذه المنتجات الجديدة شعبية غير مسبوقة، ما وضع ضغوطًا على المؤسسات المصرفية التقليدية.
فعلى سبيل المثال، يطرح بنك بولسكي (بولندا) خدمات مصرفية للأطفال على شبكة الإنترنت تتضمن حسابات جارية وحسابات توفير إلكترونية مع عناصر اجتماعية وألعاب تسلية ضمن هذه المنتجات. وبمقدور الأطفال أيضًا استخدام بطاقات الخصم سابقة الدفع التي بها صورة شخصيات شهيرة للقيام بالمدفوعات من خلال شبكة الإنترنت أو من خارجها وإجراء عمليات السحب النقدي. وهناك بنوك أخرى، مثل بنك إيه كيه بارز (روسيا) و بنك جورجيا (جورجيا)، تطرح بطاقات سابقة الدفع وعصابات معصم ذكية يمكن استخدامها لدخول المدرسة، وعمل مشتريات التجزئة، ودفع أجرة المواصلات العامة ووجبات المدرسة. ونظرًا للأهمية المتزايدة لحماية المستهلك، تستخدم بعض البنوك أيضًا النظام الآلي لتحديد الهوية بالبصمة الإلكترونية بناء على تكنولوجيا التعرف على شكل أوردة راحة اليد لتعزيز تأمين المنتجات والخدمات البنكية للكبار والأطفال.
وفي حين أن منتجات التكنولوجيا المالية تعتبر الآن أكثر توفرًا في البلدان المتقدمة، شهدت بعض الأسواق الصاعدة انتشار حلول تطبيقات الأموال من خلال الهاتف المحمول. وفي كينيا، هناك منتج مشترك يجمع ما بين الادخار والقرض هو إم شواري (M-SHWARI)، ويعمل هذا المنتج على برنامج الخدمات المالية من خلال الهاتف المحمول وفق نظام إم بيسا التابع لشركة سفاري كوم. وعلى الرغم من المتطلبات الخاصة بتسجيل شريحة الهاتف المحمول، بإمكان هذا البرنامج أن يغطي صغار السن بطريقة فعالة من حيث التكاليف. وفي الهند وتوغو وكولومبيا، تُستخدم خدمات الهاتف المحمول لربط مجموعات الادخار غير الرسمية بالمؤسسات المالية أيضًا.