ما هو الشمول المالي؟
يشير الشمول المالي إلى إمكانية جميع الأفراد الحصول على خدمات مالية ميسورة ومقدّمة بشكل مسؤول، مثل خدمات الدفع والادخار والائتمان والتأمين، لتعزيز مستوى رفاهم. وبشكل عام، تركّز الجهود المبذولة في تعزيز الشمول المالي على الفئات السكانية منخفضة الدخل والمهمّشة، مثل النساء والمهاجرين واللاجئين وصغار المزارعين وغيرهم من الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف أو الذين لا يحصلون على الخدمات المصرفية بشكل كاف وتمّ استبعادهم من النظام المالي الرسمي.
ما أهميّة الشمول المالي؟
يحتاج الناس إلى الحصول على الخدمات المالية لمساعدتهم على إدارة شؤونهم المالية وتحقيق أهدافهم، كتغطية مصاريفهم اليومية والادخار للمستقبل وحماية أسرهم من الصدمات. ولقد بيّنت البحوث أنّ الخدمات المالية الرسمية تُساعد السكان ذوي الدخل المنخفض والمهمّشين على:
- ادخار المال وتأمين مدخراتهم، ما يساعد الأسر على إدارة التدفّق النقدي غير المنتظم والاستهلاك السلس، والاستعداد للمستقبل.
- إرسال الأموال واستلامها من خلال خدمات الدفع، بما فيها التحويلات العائلية والإعانات الحكومية.
- التخطيط للنفقات المنظّمة مثل رسوم الخدمات العامة ورسوم التعليم، وتسديدها.
- تمويل الأعمال الصغيرة أو المشاريع الصغرى لمساعدتهم على تنمية أعمالهم.
- التصدّي لحالات الطوارئ التي ترتّب نفقات غير متوقّعة، والتعافي منها.
كيف يرتبط الشمول المالي بأهداف التنمية المستدامة؟
تشكّل الخدمات المالية جزءًا من المقوّمات اللازمة لاستيفاء مجموعة واسعة من أهداف التنمية.
في حين أنّ الشمول المالي غير مدرج ضمن أهداف التنمية المستدامة، إلاّ أنّه يُعتبر من العوامل التمكينية الرئيسية لتحقيق العديد منها. وتنصّ سبعة أهداف من أهداف التنمية المستدامة بشكل صريح على الشمول المالي من بين مستهدفاتها:
القضاء على الفقر
القضاء التام على الجوع
الصحة الجيدة والرفاه
المساواة بين الجنسين
العمل اللائق ونمو الاقتصاد
الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية
الحد من أوجه عدم المساواة
يمكن للخدمات المالية أن تُساعد الناس على الحصول على الخدمات الهامّة التي يحتاجون إليها، مثل الرعاية الصحية والتعليم والمرافق العامة كخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.
الصحة
إنّ منتجات التمويل والتأمين والادخار المتعلّقة بالصحّة تتيح للناس إدارة نفقاتهم الصحيّة، والعديد من مؤسسات التمويل الأصغر تدعم الاحتياجات الصحيّة لعملائها من خلال خدمات غير مالية، كحملات التثقيف الصحي وتقديم خصومات على الخدمات الطبية. كما أنّ تمويل خدمات المياه والصرف الصحي قد يساهم في تحسين صحّة العملاء وفي تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة، أي المياه النظيفة والنظافة الصحية.
التعليم
يمكن تعزيز إمكانية الحصول على مستوى جيد من التعليم، وهو الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة وعامل مهمّ للخروج من الفقر، من خلال الشمول المالي. والقروض المقدّمة للطلاب والقنوات الرقمية المتوفّرة لدفع الرسوم المدرسية وغيرها من الخدمات المالية قد تُساعد الأسر ذات الدخل المنخفض على إدارة نفقات التعليم. إلى ذلك، فإنّ القروض المقدّمة للمدارس الخاصّة ذات الرسوم المنخفضة والتي توفّر التعليم للعديد من الأسر ذات الدخل المنخفض التي لا يتوفّر لها التمويل على نطاق واسع، تساعد هذه المدارس على النمو وتحسين عروضها التعليمية.
طاقة نظيفة وبأسعار معقولة
ساهمت الخدمات المالية الرقمية ونماذج دفع رسوم الطاقة الشمسية "عند الاستهلاك"، بشكل كبير، في توسيع نطاق انتشار الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، وهو الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة.
ما هو التمويل الأصغر وكيف يرتبط بالشمول المالي؟
يشير التمويل الأصغر إلى توفير الخدمات المالية للفقراء. ونشأ هذا المصطلح خلال حركة الائتمان الأصغر التي برزت في السبعينات بهدف تقديم قروض بمبالغ صغيرة قصيرة الأجل لأصحاب المشاريع الصغرى، لبدء أو تنمية أعمال صغيرة، في الاقتصاد غير الرسمي عادةً. ومع انطلاق هذه الحركة وتنفيذ العديد من مبادرات الائتمان الأصغر حول العالم، بدأت التجارب والبحوث تكشف عن الإمكانية المحدودة للائتمان الأصغر في التخفيف من حدّة الفقر وبدأ يتبيّن أنّ الأسر الفقيرة تحتاج إلى مجموعة أوسع من الخدمات المالية، وليس فقط الائتمان. وبالتالي، بدأ يُستخدم مصطلح التمويل الأصغر للإشارة إلى مجموعة أوسع من الخدمات المالية المصمّمة للفقراء، بما فيها خدمات الادخار والائتمان والدفع والتأمين.
ولا يزال مفهوم الشمول المالي أوسع نطاقًا، حيث يشير إلى كافة الجهود المبذولة لضمان إتاحة الخدمات المالية للفقراء. ويضمّ الشمول المالي، إلى جانب مؤسسات التمويل الأصغر، الكثير من الجهات الفاعلة المختلفة، بما في ذلك صنّاع السياسات الذين يعملون على توفير البيئة الرقابية والإشرافية للشمول المالي، وشركات التقنية المالية، وغيرهم من مزوّدي الخدمات المالية غير التقليديين.
يغطي الشمول المالي مجموعة من المنتجات والخدمات المالية
الائتمان
الائتمان، وبشكل خاص القروض الصغيرة لأغراض إنتاجية مثل تنمية المشاريع الصغرى، يشكّل المنتج المالي الأصلي الذي بدأت به حركة الائتمان الأصغر. وتُقدّم القروض الصغرى لكلّ من الأفراد والجماعات التضامنية الذين يضمنون قروض بعضهم البعض.
تمويل الإسكان
مع تطوّر القطاع، وضعت مؤسسات التمويل الأصغر وغيرها من مزوّدي الخدمات المالية أنواعًا مختلفة من المنتجات الائتمانية. وتمويل الإسكان يعدّ منتجًا هامًا للعديد من الأسر حيث قد يشكّل الإنفاق المنزلي الجزء الأكبر من نفقاتهم. وتوفّر هذه الأنواع من القروض بشكل عام الأموال اللازمة للقيام بأنشطة تشييد إضافية، كتجديد المنازل أو توسيعها أو بناء البنية التحتية الأساسية وتحسينها.
التأمين
التأمين يساعد الناس على إدارة أنواع مختلفة من المخاطر، كالمخاطر الصحيّة والمخاطر المنزلية وتلك المرتبطة بسبل العيش. وعلى الرغم من أنّ الفقراء أكثر عرضة لمجموعة أوسع من الأحداث غير المتوقّعة، إلا أنّ إمكانية حصولهم على خدمات التأمين محدودة. وبهدف معالجة هذه الحاجة، عقدت العديد من مؤسسات التمويل الأصغر شراكات مع شركات التأمين لتقديم منتجات التأمين الأصغر. وتُعتبر خدمات التأمين على الصحة والحياة والائتمان من منتجات التأمين الأصغر الأكثر رائجة.
المدفوعات
برزت خدمات الدفع كخدمة مالية مهمّة في قطاع الشمول المالي، لاسيّما المدفوعات الرقمية التي تساهم في تعزيز أمان المعاملات وسرعتها وملاءمتها لذوي الدخل المنخفض. وتُساهم خدمات الدفع في تسهيل التحويلات المالية من طرف إلى آخر، ويتم استخدامها من قبل الأفراد والشركات والحكومات. ويمكنها أن تساعد الحكومات على توفير التحويلات النقدية للسكان المهمّشين، ومساعدة الأسر على دفع رسوم المرافق العامة، ومساعدة أفراد الأسرة على إرسال الأموال إلى ديارهم، ومساعدة صغار روّاد الأعمال على تأسيس الأعمال.
ما هو الشمول المالي الرقمي؟
أصبحت الخدمات المالية الرقمية متاحة بشكل متزايد على الهواتف المحمولة وأجهزة نقاط البيع وشبكات الوكلاء الصغار، وبإمكانها توسيع نطاق الشمول المالي بشكل كبير بسبب تدني تكلفة الوصول إلى المزيد من الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف أو لا يحصلون عليها بشكل كاف في المناطق التي تتوفر فيها فروع للبنوك. وتُعتبر منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منطقة ناشطة بشكل خاص من حيث انتشار الخدمات النقدية عبر الهاتف المحمول، حيث يمتلك 33 في المئة من البالغين حاليًا حسابات نقدية على الهاتف المحمول.
تشتمل المؤسسات التي تقدّم الخدمات المالية مباشرة إلى العملاء ذوي الدخل المنخفض على مؤسسات التمويل الأصغر وغيرها من مزوّدي الخدمات المالية مثل البنوك التجارية والبنوك البريدية والاتحادات الائتمانية والمنظمات غير الربحية وأنواع أخرى من الجهات بحسب السياق الرقابي لكل بلد. وتسعى شركات التكنولوجيا المالية ومشغلو الخدمات النقدية عبر الهاتف المحمول وغيرهم من مزوّدي الخدمات المالية الرقمية إلى توسيع نطاق وصولهم إلى العملاء ذوي الدخل المنخفض، ويعقدون بشكل عام شراكات مع مزوّدين راسخين للخدمات المالية أو يعملون بشكل منفرد.
تقدّم منظمات التمويل الأصغر الدولية خدمات التمويل وأنواع أخرى من الدعم لشركائها من بين المؤسسات حول العالم. ومن الأمثلة على هذه الشبكات فينكا الدولية ومؤسسة أكسيون ومؤسسة الفرص الدولية ومؤسسة الخدمات المصرفية العالمية للنساء.
وتتوفّر أيضًا في معظم البلدان التي تنشط فيها قطاعات التمويل الأصغر رابطات وطنية أو إقليمية لمؤسسات التمويل الأصغر التي تقدّم الدعم لأعضائها في البلد أو المنطقة. على سبيل المثال، تضم رابطة مؤسسات التمويل الأصغر في كينيا (AMFI-K) أكثر من 50 عضوًا من بين مصارف ومؤسسات التمويل الأصغر ومؤسسات قائمة على الائتمان فقط وفئات أخرى من المؤسسات. ويشكّل مجلس التمويل الأصغر في الفلبين (MCPI) شبكة من 66 مؤسسة تضمّ منظمات غير حكومية للتمويل الأصغر وبنوك وتعاونيات ومؤسسات دعم. وتضمّ الرابطات الإقليمية للتمويل الأصغر مؤسسة ريد أميركا الوسطى للتمويل الأصغر ومؤسسة سنابل للعالم العربي والشبكة الأوروبية للتمويل الأصغر ومركز التمويل الأصغر لأوروبا.
توفّر مجموعة واسعة من المؤسسات التمويل لقطاع الشمول المالي، بما فيها وكالات التنمية والمؤسسات الخيرية والمستثمرين. وتشمل الجهات المموّلة من القطاع العام منظمات متعدّدة الأطراف مثل صندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق الدولي للتنمية الزراعية ووكالات ثنائية مثل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية والمؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (جيز) والوكالة البريطانية للمساعدة ومؤسسات التمويل الإنمائي مثل بنك التنمية الأفريقي ومؤسسة التمويل الدولية وبنك التنمية الآسيوي. ويأتي التمويل الخيري من مؤسسات مانحة خاصة مثل مؤسسة بيل وميليندا غايتس ومؤسسة ماستركارد ومؤسسة ميتلايف.
ويدعم المستثمرون من القطاع الخاص أيضًا قطاع الشمول المالي من خلال أدوات الاستثمار في التمويل الأصغر مثل Oikocredit وresponsAbility وTriodos وغيرهم من المستثمرين ذوي الأثر. ولقد أصبح التمويل الأصغر من أكثر فئات الأصول تقدمًا في إطار الاستثمار المولّد للأثر، حيث توفّر الاستثمارات تمويلاً للديون والأسهم، فضلاً عن الضمانات، لمزوّدي الخدمات المالية وأنواع أخرى من نماذج العمل التي توفّر الخدمات المالية للفقراء.
تُعتبر البيئة القانونية والرقابية مهمة جدًا لإحراز التقدّم في الشمول المالي، ويؤدي صانعو السياسات في كل بلد دورًا هامًا في هذا القطاع. ومع إدراك الحكومات لأهمية الشمول المالي ومساهمته في التنمية الاقتصادية والاستقرار المالي، وضع العديد منها استراتيجيات وطنية للشمول المالي. وتشمل المنظمات الدولية التي تدعم عملية وضع سياسات داعمة للشمول المالي التحالف من أجل الشمول المالي والشراكة العالمية للشمول المالي ومركز تورونتو.
يقدّم العديد من المؤسسات الأخرى أنواعًا مختلفة من الخدمات الاستشارية لقطاع الشمول المالي، بما في ذلك البحوث والدعم لإجراء التجارب، والمساعدة التقنية، وتبادل المعرفة، وبناء القدرات.
على سبيل المثال، "سيغاب" التي هي عبارة عن شراكة عالمية تضمّ أكثر من 30 مؤسسة إنمائية رائدة تعمل على النهوض بحياة الفقراء، لاسيّما النساء، من خلال الشمول المالي، ومركز الشمول المالي الذي هو عبارة عن مؤسسة بحثية عالمية تستند إلى البحوث وجهود الدعوة والدعم للتقدّم بالنظم المالية الشاملة لذوي الدخل المنخفض في جميع أنحاء العالم، والمؤسسة الاستشارية MSC التي تعمل من أجل تحقيق الشمول المالي والاجتماعي والاقتصادي الهادف، ومنصة التمويل الأصغر الأوروبية (e-MFP) والتي هي عبارة عن شبكة تضمّ مؤسسات وأفراد وتعمل على تعزيز تبادل المعرفة وبناء الشراكات والابتكار، ومؤسسة أدا للإنماء المستقل وهي منظمة غير حكومية مقرّها لوكسمبورغ تنفّذ مشاريع قائمة على التمويل الشامل لتعزيز استقلالية الأشخاص المهمّشين وتحسين ظروفهم المعيشية.
يستهدف الشمول المالي الأشخاص الذين لا يتعاملون مع المصارف أو الذين لا يحصلون على مستوى كاف من الخدمات المصرفية
يركّز قطاع الشمول المالي جهوده على الأشخاص الذين تمّ استبعادهم سابقًا من النظام المالي الرسمي، بما في ذلك السكان ذوي الدخل المنخفض وسكان الريف والنساء وصغار المزارعين والمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة والمهاجرين واللاجئين والشباب والأطفال.
لطالما شكّل تمكين المرأة أحد أهداف مبادرات التمويل الأصغر في جميع أنحاء العالم. ففي العديد من البلدان، تمنع الأعراف المرتبطة بنوع الجنس المرأة من المشاركة بشكل كامل في النظام المالي، مما يؤدي إلى فجوة بين الجنسين من حيث إمكانية الحصول على الخدمات المالية واستخدامها. ويعمل مزوّدو الخدمات المالية والجهات المانحة والعاملون في القطاع، بما في ذلك مجتمع الممارسة FinEquity على تحديد نهج ابتكارية للمساعدة في معالجة الحواجز التي تواجهها النساء وسدّ الفجوة بين الجنسين.
يمثّل صغار المزارعين الجزء الأكبر من العملاء في فئة العملاء الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم، ولكن من الصعب على المؤسسات المالية الوصول إلى سكان الريف وخدمتهم بسبب بُعدهم وضعف البنية التحتية وقيود أخرى. ولكن بفضل النماذج الجديدة في تقديم الخدمات والابتكارات في مجال التقنية والتمويل الرقمي، أصبح التمويل الريفي والزراعي ممكنًا ومجديًا.
يعيش أكثر من 281 مليون شخص في العالم خارج بلدهم الأصلي بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل وسعيًا لتحسين أوضاع أسرهم. وحوالي 90 مليون من هؤلاء المهاجرين هم لاجئون تمّ تشريدهم قسرًا من ديارهم بسبب النزاعات أو الاضطهاد، ويواجه العديد منهم صعوبة في الحصول على الخدمات المالية لأن المؤسسات المالية تعتبر أنّ تقديم الخدمات إليهم ينطوي على مخاطر كبيرة. ومع ذلك، تسعى مؤسسات كثيرة إلى تعزيز الشمول المالي بين المهاجرين واللاجئين من خلال اقتراح سياسات وتقديم أدلّة لدعم حالة العمل ومبادئ توجيهية لمزوّدي الخدمات المالية.
37 في المئة من الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا) في البلدان النامية مستبعدون من النظام المالي الرسمي. وتشمل الحواجز التي تحول دون وصول الشباب إلى النظام المالي القيود الرقابية ومتطلبات اعرف عميلك وتدني مستوى الثقافة المالية. ومع ذلك، فإنّ العديد من مزوّدي الخدمات المالية يقدّمون خدمات متخصّصة لهذه الفئة من السكان، بما في ذلك حسابات ادخار للأطفال والشباب وقروض تعليمية.
في حين أنّ المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكّل العمود الفقري لمعظم الاقتصادات، إلاّ أنّ معظم هذه المؤسسات في البلدان النامية تواجه صعوبة في الحصول على التمويل اللازم، وغالبًا ما يشار إليها على أنها "الوسط المفقود" لأن مؤسسات التمويل الأصغر تعتبرها كبيرة جدًا للحصول على قروض ومعظم البنوك التجارية تعتبرها صغيرة جدًا أو ترتّب الكثير من المخاطر.
بهدف الوصول إلى هذه القطاعات وتزويدهم بالخدمات التي تلبي احتياجاتهم، يتعين على مزوّدي الخدمات المالية بذل جهود لزيادة التركيز على العملاء وفهم عملائهم من خلال عمليات تطوير المنتجات لكي يتم تصميم المنتجات بناء على واقعهم. هذا ولا بدّ من إجراء بحوث متعمّقة حول العملاء، مثل منهجية اليوميات المالية، لمعرفة كيف يقوم الفقراء بإدارة حياتهم المالية المعقّدة والحصول على المعطيات اللازمة التي تساعد مزوّدي الخدمات المالية على تصميم الخدمات المالية المناسبة.
ما هو تأثير الشمول المالي؟
كيف نعرف ما إذا كانت جهود الشمول المالي تؤثّر بشكل إيجابي على الأشخاص ذوي الدخل المنخفض والمهمّشين في العالم؟ تقييمات الأثر هي دراسات تهدف إلى تقييم التغيّرات، سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتي يمكن أن ترتبط بتدخّل معيّن من التدخّلات المنفّذة في إطار الشمول المالي. وثمّة مجموعة واسعة من أنواع الدراسات تتراوح بين تقييمات بسيطة للبرامج تجريها المؤسسات المنفّذة وتجارب الرقابة العشوائية التي يديرها بشكل عام أكاديميون مدرّبون، وتوفّر التقييمات الأكثر دقة.
وعلى مستوى عال، أظهرت الدراسات باستمرار أنّ خدمات الادخار والتأمين والدفع يمكن أن تساعد الفقراء على تعزيز قدرتهم على الصمود واغتنام الفرص، غير أنّ الأدلة على الأثار المتولّدة على نتائج أكثر تحديدًا، مثل الدخل والعمالة وريادة الأعمال، هي أدلّة مختلطة، خاصة في ما يتعلق بالائتمان.
لا نزال نجهل الكثير عن كيفية تأثير الخدمات المالية ومن هي الأطراف المتأثّرة وما هي الظروف المولّدة للأثر. وفي حين أنّ العديد من دراسات الأثر تظهر نتائج إيجابية، إلاّ أنها غالبًا ما تركّز على منتجات أو فئات سكانية محدّدة، مما يجعل من الصعب استخلاص استنتاجات أوسع بشأن تأثير الشمول المالي. ولذلك، يتعين إجراء بحوث أوسع حول النتائج التي يمكن أن ترتبط باستخدام الخدمات المالية.
الصحة المالية
مع المحاولة المستمرة للعاملين في القطاع وصانعي السياسات فهم كيفية تأثير الخدمات المالية على المستهلكين، برز مفهوم الصحة المالية أو الرفاهية، كمجال مهم ينبغي دراسته. ويتم تعريف الصحة المالية على أنها مدى قدرة الشخص أو العائلة على إدارة التزاماتهم المالية الحالية بسلاسة وثقتهم في مستقبلهم المالي. وعلى الرغم من أنّ عدد قليل من الدراسات ركّزت فقط على الصحة المالية للسكان ذوي الدخل المنخفض، إلاّ أنّ البيانات المتاحة حتى الآن من الأبحاث ذات الصلة تشير إلى وجود عجز خطير في مستوى الصحة المالية حول العالم.
الأداء الاجتماعي
الأداء الاجتماعي هو مجال آخر يسعى إلى تحديد ما إذا كانت خدمات التمويل الأصغر تولّد قيمة للعملاء، وهذه المرّة من منظور مزوّد الخدمات المالية. وتشير إدارة الأداء الاجتماعي إلى الأنظمة المعمول بها التي تسمح للمؤسسات بالتأكّد من أنهّا تحقّق رسالتها وتركّز على العملاء في استراتيجيتها وعملياتها. وقامت مجموعة العمل المعنية بالأداء الاجتماعي ومؤسسة "سوريز" بوضع مجموعة من المعايير العالمية لإدارة الأداء الاجتماعي.
ما هو الدور الذي يمكن أن يؤديه الشمول المالي في معالجة تغيّر المناخ؟
يمكن للشمول المالي المساهمة في تعزيز القدرة على الصمود، بشكل فردي وبشكل جماعي، في وجه الآثار الضارة لتغيّر المناخ، ودعم الانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون. إنّ إتاحة الوصول إلى مجموعة كاملة من الخدمات المالية يمكن أن يوفّر شبكة أمان لحماية العملاء من تغيّر أنماط الطقس والكوارث الطبيعية والاقتصادات المتغيرة.
وتملك مؤسسات التمويل الأصغر وغيرها من مزوّدي الخدمات المالية الذين يعملون مباشرة مع السكان ذوي الدخل المنخفض في البلدان النامية الإمكانيات المناسبة التي تتيح لها تقديم الخدمات غير المالية أيضًا، مثل التدريب والمساعدة التقنية، التي يمكنها أن تساعد العملاء على التكيّف مع تغيّر المناخ.
كذلك، يمكن أن تساعد الابتكارات في التمويل والدفع، مثل نماذج "الدفع عند الاستهلاك" في جعل التقنيات الخضراء، مثل الطاقة الشمسية ومواقد الطهي الأنظف، متاحة بشكل ميسور أكثر للأشخاص ذوي الدخل المنخفض.
ما هي بعض المسائل الرئيسية في سياسة الشمول المالي؟
مع تطوّر قطاع الشمول المالي، يجب أن تتطور أيضًا السياسات والقوانين التي تنظّم هذا القطاع وتعمل على رصده. ومع نمو الخدمات المالية الرقمية وبروز أطراف فاعلة جديدة مثل مؤسسات التقنية المالية العاملة في مجال الشمول المالي، اضطرت الجهات الرقابية إلى تعزيز مرونتها وتكييف اللوائح الحالية وفي بعض الحالات إنشاء قوانين وهيئات رقابية جديدة. وتكمن التحدّيات في إنشاء بيئة تمكينية تحمي العملاء ذوي الدخل المنخفض مع دعم الابتكار ومواكبة التغير التقني السريع في الوقت نفسه.
حماية المستهلك هي مسألة رئيسية لدى صانعي السياسات المرتبطة بالشمول المالي، حيث يتعين عليهم مواكبة مجموعة متزايدة ومتغيّرة من المخاطر التي يواجهها العملاء من جراء التقنية الجديدة وطرق الوصول إلى الخدمات المالية. وأصبحت الصحة المالية، التي يمكن أن تشمل جوانب حماية المستهلك، مفهومًا شاملاً مهمًا في مساعدة صنّاع السياسات في القطاع المالي على معرفة كيفية تأثير الخدمات المالية على المستهلكين والنظر في السبل التي تضمن دعم النظام المالي لرفاهية الناس.
ما هي بعض التحدّيات الرئيسية التي تواجه مؤسسات التمويل الأصغر؟
مع بروز أنواع جديدة من الجهات الفاعلة، مثل مؤسسات التقنية المالية والبنوك التجارية في مجال الشمول المالي وتقديمها للخدمات المالية للأشخاص ذوي الدخل المنخفض، واجهت مؤسسات التمويل الأصغر تحدّيات جديدة في نماذج عملها. فبالنسبة لمعظم مؤسسات التمويل الأصغر الصغيرة والمتوسطة الحجم، يشكّل التكيّف مع العصر الرقمي وتوسيع النطاق تحديًا كبيرًا. إنّ عملية التحوّل الرقمي ليست فقط عبارة عن أتمتة بعض الأنظمة اليدوية، بل أنها تتطلّب أيضًا استثمارات جادّة في ترقية أنظمة الإدارة القديمة وإعادة التفكير في طرق القيام بالعمل. وقد تكون هذه التغييرات مكلفة وصعبة التنفيذ، إلاّ أنّها ضرورية إذا أرادت مؤسسات التمويل الأصغر منافسة الأطراف الجديدة في السوق وتعزيز قدرتها على الصمود.
وتشمل التحدّيات الأخرى التي تواجهها مؤسسات التمويل الأصغر الوصول إلى التمويل للاستثمار في عمليات التحوّل الرقمي وغيرها من التحسينات اللازمة، والمديونية المفرطة للعملاء، والمخاوف التي تتعلّق بحماية البيانات وخصوصيتها. وقد تؤثّر أيضًا عوامل خارجية، مثل السياسات الحكومية، وظروف الاقتصاد الكلي، والكوارث الطبيعية، تأثيرًا كبيرًا على مؤسسات التمويل الأصغر.
ما هي البيانات المتاحة عن الشمول المالي؟
تزوّدنا بيانات الشمول المالي بالمعلومات التي نحتاج إليها لفهم التقدّم المُحرز في توسيع نطاق الشمول المالي وما الذي لا يزال يتعيّن القيام به.
وتوفّر مجموعات البيانات من جانب الطلب معلومات عن العملاء وسلوكياتهم، وتشمل هذه المؤشرات المؤشر العالمي للشمول المالي، ومركز بيانات الأسر الصغيرة التابع لمجموعة سيجاب، وبوابة بيانات الصندوق الائتماني للأسواق المالية.
وتوفّر مجموعات البيانات من جانب العرض معلومات عن مزوّدي الخدمات المالية والخدمات التي يقدّمونها، وتشمل الاستبيان حول الوصول المالي لصندوق النقد الدولي، واستبيان سيجاب لمؤسسات التمويل الأصغر الذي أجري لرصد أثر جائحة كوفيد-19 على مؤسسات التمويل الأصغر وبيانات مؤسسة تبادل المعلومات عن التمويل الأصغر.
كما تتوفر معلومات عن المشهد التمويلي لقطاع الشمول المالي في مجموعة بيانات سيجاب في الاتجاهات في التمويل الدولي من أجل الشمول المالي.