مدونة البوابة

لماذا تتردد مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي للقيام بالتحوّل المؤسسي ؟

قيود تنظيمية أم خوف من انحراف الرسالة...تحديات مختلفة ولكن من الممكن تخطيها!
النقش على النحاس. من تقرير مؤسسة التمويل الدولية عن التحول المؤسسي 2018.

شهدت فترة أواخر التسعينات ممارسة شائعة لعمليات التحوّل المؤسسي في صناعة التمويل الأصغر على الصعيد العالمي. وحاليا تمثل مؤسسات التمويل الأصغر التي تم تحويلها مؤسسيا؛ الجزء الأكبر من إجمالي عمليات التمويل الأصغر، من حيث عدد العملاء وحجم  المحفظة. وﻗد ﻗﺎﻣت ﻣؤﺳﺳﺎت اﻟﺗﻣوﯾل اﻷﺻﻐر بالتحوّل المؤسسي ﻟﻌدة أﺳﺑﺎب منها لتحسين اﻟﺣوﮐﻣﺔ واﮐﺗﺳﺎب اﻟﺷرﻋﯾﺔ وﺗﻧوﯾﻊ ﻋروض اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت وزﯾﺎدة ﻓرص اﻟﺣﺻول ﻋﻟﯽ رأس اﻟﻣﺎل؛ اﻷﻣر اﻟذي ﯾؤدي ﺑدوره إﻟﯽ زﯾﺎدة التأثير، وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ زﯾﺎدة  النمو والانتشار. وعلى الرغم من المنافع العديدة ، فإن عمليات التحوّل المؤسسي في العالم العربي قليلة جدا، وشملت في معظمها تحويل برامج دولية للائتمان الأصغر إلى مؤسسات مسجلة، وظل العديد منها غير خاضع للوائح التنظيمية.

إذا، لماذا تتردد مؤسسات التمويل الأصغر في العالم العربي للقيام بالتحوّل المؤسسي ؟

الإجابة ببساطة،  لأن الحافز ضعيف للقيام بالتحوّل المؤسسي بالنسبة للعديد من المؤسسات في العالم العربي.

لقد شهدنا مؤخرًا العديد من التغييرات التنظيمية التي فتحت الباب أمام دخول مؤسسات جديدة هادفة للربح في كل من سوريا (2008)، واليمن (2009)، والسودان (2011)، وتونس (2011)، وفلسطين(2011)، ومصر (2014)، والأردن (2015) على التوالي. هذه اللوائح الجديدة جلبت قطاع التمويل الأصغر تحت إشراف سواء البنك المركزي ( في سوريا، واليمن، والسودان، والأردن، وفلسطين) أو كيانات أخرى (سلطة رقابة التمويل الصغير في تونس، وهيئة الرقابة المالية في مصر) وسمحت بدخول شركات جديدة هادفة للربح.

في بعض البلدان مثل سوريا واليمن والسودان ، سمحت اللوائح الجديدة لمؤسسات التمويل الأصغر التي قامت بالتحول بتعبئة المدخرات، وهو حافز أساسي لمؤسسات التمويل الأصغر للنظر في التحول المؤسسي. ولكن في البلدان الأخرى في المنطقة، لم تسمح اللوائح التنظيمية لمؤسسات التمويل الأصغر إلا بالاستمرار في توفير الائتمان، مما أدى إلى منع تعبئة المدخرات. وقد حاولت الهيئات التنظيمية في بعض البلدان، مثل تونس وفلسطين والأردن، من تشجيع مؤسسات التمويل الأصغر على التحول من خلال حوافز أخرى مثل زيادة الحد الأقصى لأحجام قروض التمويل الأصغر للمؤسسات المتحولة مقارنة بالمنظمات غير الحكومية. ومع ذلك، في بلدان أخرى ، لم توفر اللوائح الجديدة أي فوائد واضحة للشركات الربحية مقارنةً بالمنظمات غير الحكومية ، ولكن بدلاً من ذلك - على الأرجح عن غير قصد - خلقت مثبطات من خلال فرض ضرائب أعلى على الدخل ، ومضاعفة رسوم الإشراف وما إلى ذلك؛ مما جعل العمليات أكثر تكلفة ووضع قيود أكبر على عرض المنتج.

إذا وضعنا اللوائح التنظيمية جانباً، فإن بعض مؤسسات التمويل الأصغر الرائدة في المنطقة ما تزال مترددة أمام عملية التحوّل المؤسسي لأسباب أخرى.

يخشى الكثيرون من خطر انحراف الرسالة. من خلال التحوّل إلى شركة ربحية، سوف تضطر المؤسسة إلى التصرف مثل المقرضين التجاريين - نفس المقرضين الذين تجاهلوا ذوي الدخل المنخفض وجعلوا من الضروري للمنظمات غير الحكومية للتمويل الأصغر أن تخدم الذين لا يحصلون على الخدمات المالية في المقام الأول.

البعض الآخر تثنيه التكاليف المرتبطة بالتحوّل عن القيام بذلك؛ وتشمل تكلفة التقييم والرسوم القانونية لكل من التأسيس لشركة هادفة للربح ومفاوضات اتفاقية المساهمين والضرائب على بيع محفظة المنظمات غير الحكومية للشركة الربحية وضرائب الدخل الجارية المفروضة على الشركة الربحية.

كما أن العديد من المؤسسات لديها مخاوف متعلقة بالموظفين. من المرجح أن تتطلب المؤسسات التي تتحول إلى شركات ربحية مجموعة مختلفة من المهارات، كما عليها أن تحدد طرقًا لتعويض الموظفين الذين ساهموا في بناء المؤسسة والوصول بها إلى النجاح حتى تستطيع أن تصبح كيانًا ربحيًا والقيام بمواءمة الحوافز بين الموظفين والمؤسسة في المستقبل.

ان أغلب هذه المخاوف بالطبع صحيحة، ولكن يجب ألا ننسى أنه يمكن التغلب عليها. كما ان هناك  العديد من حالات التحول الناجحة في أجزاء أخرى من العالم. 

لقد تمكنت مؤسسات التمويل الأصغر التي قامت بإدارة عملية التحول بفعالية من توسيع نطاق وصولها إلى الفئات غير المخدومة والمستبعدة من النظام المصرفي (الفئات التي تمثل جوهر التمويل الأصغر)، بالإضافة إلى الوصول إلى أنواع التمويل المختلفة واستمرار النمو والتمتع بفوائد تحسين هياكل الحوكمة والملكية للمؤسسة.

 

اطلع على آخر دراسة من مؤسسة التمويل الدولية وشبكة سنابل بعنوان "التحوّل المؤسسي لمقدمي التمويل الأصغر في العالم العربي: الفرص والتحديات ومواءمة المصالح " من أجل معرفة المزيد عن العديد من القضايا المطروحة في هذا المقال.

من وجهة نظرك، ما هو سبب انخفاض عمليات التحوّل المؤسسي في المنطقة العربية مقارنة بأقاليم أخرى من العالم؟ ما هي التغييرات التي تود أن تراها للنظر في القيام بالتحوّل في مؤسستك؟

نود أن نسمع منك في قسم التعليقات أدناه.

 

 

اترك تعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.