مساحة رأي | ما وراء الشمول المالي في مصر
تهتم الحكومة المصرية اهتماما كبيرا بدعم التمويل متناهي الصغر ويتصل بذلك، ضمن أمور أخرى، بمبادرات عديدة اتُخذت مؤخرا وكان من أهمها مبادرات الشمول المالي والذي يعني إتاحة الحصول على الخدمات المصرفية للفئات المهمشة من خلال التعامل الرقمي.
ولا يخفى على أحد أهمية التمويل متناهي الصغر في خلق فرص عمل بأقل التكلفة وتوفير سلع وخدمات للمجتمعات المحلية وما يسهم به ذلك في دعم الاقتصاد الوطني وما تحققه في الوقت نفسه مبادرات الشمول المالي من عدم ترك أحد يتخلف عن ركب التنمية واللحاق بقطار التطوير والمساهمة في الناتج القومي.
ولكن الشمول المالي يمكن أن يتعدى دوره إدخال شرائح جديدة في مضمار التعامل المالي، أي أن هناك جوانب أخرى تفرض نفسها علينا طالما أردنا للتمويل متناهي الصغر أن يؤتي ثماره مثل نوع الأنشطة التي يتم تمويلها (تجاري، صناعي، خدمي، زراعي) وإلى أي مدى تُسهم هذه الأنشطة في دعم الناتج المحلي الإجمالي.
إذا أجرينا مراجعة سريعة لآخر مؤشرات التطور وفقا لنوع النشاط والصادرة عن الهيئة العامة للرقابة المالية، نلاحظ أن النشاط التجاري يأتي في المقدمة بنسبة تصل إلى 64.83 % بينما يأتي في المرحلة الأخيرة النشاط الانتاجي بنسبة 6.80 %!
وليست مفاجأة أن ما يروج له صاحب المشروع الصغير من منتجات مصنعة ليس، في كثير من الأحيان، منتجا مصريا بل في الغالب منتج صيني! فلقد وصل حجم التبادل التجاري في عام 2018 بين مصر والصين إلى 13.87 مليار دولار ؛ وتمثل الواردات الصينية إلى مصر 8.7 مليار دولار؛ فيما بلغ حجم الصادرات المصرية إلى الصين 1.8 مليار دولار أمريكي أي ما يمثل حوالي 20 % من حجم الواردات من الصين. وكوسيلة لحماية المنتجات المصرية، يتم أحيانا فرض رسوم جمركية على المنتجات المُصنعة المستوردة.
يمكن للشمول المالي أن يتعدى دوره المنحصر في إدخال شرائح جديدة في مضمار التعامل المالي. أي أن هناك جوانب أخرى إذا ما أردنا للتمويل متناهي الصغر أن يؤتي ثماره مثل نوع الأنشطة التي يتم تمويلها وإلى أي مدى تُسهم هذه الأنشطة في دعم الناتج المحلي الإجمالي.
عندما يتعلق الأمر بالتمويل متناهي الصغر والشمول المالي وأصحاب المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر من أجل دعم الصناعة الوطنية واستيعاب فرص عمل والمساهمة بفعالية في الناتج المحلي الإجمالي، فان ثمة مقترحات يمكن طرحها في هذا الصدد، مثل:
- إجراء دراسات السوق لمعرفة أهم السلع التي يمكن تصنيعها وأن تجد رواجا، وهنا يمكن الاستعانة بخبرات مؤسسات التمويل متناهي الصغر وإتاحة هذه الدراسات بالتعاون مع الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر؛
- رفع كفاءة أصحاب المشروعات الصغيرة وزيادة قدراتهم ومهاراتهم التصنيعية والتسويقية لزيادة الطلب على منتجاتهم وفتح أسواق جديدة؛
- ربط أصحاب المشروعات الصغيرة بالتكتلات الصناعية الناشئة وتوفير التوجيه اللازم والمساعدة الفنية المطلوبة وإدماجهم في سلاسل القيمة؛
- توفير حوافز تشجيعية من قبل الدولة لأصحاب المشروعات الصناعية الصغيرة ومتناهية الصغر - مثل توفير فرص تسويقية، تخفيض أعباء مالية وضريبية .. الخ - خاصة لمن يوفروا فرص عمل لأكثر من 5 أفراد.
هذه المقترحات من شأنها دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر المنتجة من أجل ضمان النمو والرخاء لأصحابها والذي من شأنه الحد من الفقر والتأثير على الاقتصاد الكلي.
مجدي موسى هو المدير التنفيذي لجمعية رجال أعمال الاسكندرية، من المؤسسات المصرية الرائدة في التمويل متناهي الصغر. لدى موسى خبرة واسعة في قطاع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والإدارة المالية في المنطقة العربية والقرن الافريقي، وأوروبا، وأمريكا، والصين. عمل موسى مع جهات محلية وإقليمية ودولية مثل البنك الدولي والتعاون الألماني والبنك الافريقي للتنمية وشبكة سنابل على تطوير العمليات والسياسات والتقييم المؤسسي لمؤسسات التمويل الأصغر. كما انه مدرب معتمد في مجالات تطوير المنتج وتخطيط الأعمال والتخطيط الاستراتيجي. بالإضافة إلى منصبه الحالي، موسى عضو في اللجنة التنفيذية للجمعية العالمية للعاملين في إدارة المخاطر وعضو في مجلس إدارة الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر.