مدونة البوابة

يظهر قطاع التمويل الأصغر في تونس القدرة على الصمود بوجه الأزمة

ناس يسيرون في الشارع داخل سوق في تونس سنة 2018.

وفقًا للتقرير السنوي للعام 2021 الصادر عن هيئة الرقابة على التمويل الأصغر في تونس، أظهر قطاع التمويل الأصغر قدرته على الصمود في مواجهة مختلف موجات أزمة جائحة كوفيد-19 وتأثيرها على سير بعض الأنشطة، وذلك استنادًا إلى مجموعة مختلفة من المؤشرات التشغيلية والمالية وغير المالية. نبيّن في ما يلي كيف تطوّر القطاع خلال هذا العام الإستثنائي.

إنتعاش جيد للأنشطة التشغيلية

في عام 2021، زاد مجموع قروض التمويل الأصغر من 1,402 مليون دينار تونسي (432,515 دولار أميركي) إلى حوالي 1,674 مليون دينار تونسي (516,188 دولار أميركي)، أي بمعدل نمو قدره 19.3% ، وهي زيادة صادرة بشكل أساسي عن مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة.

ولقد استفاد قطاعا التجارة والزراعة من غالبية قروض التمويل الأصغر التي تمّ منحها في عام 2021، بنسبة 34% و29% على التوالي. وتعتبر حصة قطاع الزراعة كبيرة جدًا على الرغم من المخاطر المرتبطة بهذا القطاع، مما يجعل قطاع التمويل الأصغر قطاعًا مؤثرًا بالفعل.

كذلك، استفادت النساء من 54% من قروض التمويل الأصغر التي مُنحت، ما يشير إلى الجهود التي بذلتها مختلف مؤسسات التمويل الأصغر على مرّ السنين لتطبيق نهج يراعي نوع الجنس من خلال منتجات مخصّصة.

وسجّلت قروض التمويل الأصغر الصادرة عن مؤسسات التمويل الأصغر ارتفاعًا بنحو 9% مقارنة بالعام 2020، حيث ارتفع رصيدها من 1,601 مليون دينار تونسي في عام 2020 (494,445 دولار أميركي) إلى 1,756 مليون دينار تونسي (542،315 دولار أميركي) في العام 2021، وتجدر الإشارة إلى أن 83.3% منها صادرة عن مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة، التي زادت قروض التمويل الأصغر الصادرة عنها بنسبة 11.7% في عام 2021، ما يتماشى مع الزيادات القياسية لقروض التمويل الأصغر على المستوى العالمي. ويتبيّن ذلك في تحسّن متوسط الإنتاجية السنوية ومتوسط رصيد موظفي الائتمان كما هو مبيّن في الرسم البياني التالي:

مستند يظهر تطور متوسط الإنتاجية السنوية ومتوسط رصيد موظفي الائتمان (2019 - 2022)، من تقرير هيئة الرقابة على التمويل الأصغر للعام 2021.
المصدر: نبيل كسراوي، من تقرير هيئة الرقابة على التمويل الأصغر للعام 2021

ارتفع عدد الأشخاص الذين حصلوا على تمويل لأول مرة في حياتهم من مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة في العام 2021 إلى حوالي 60،000 ألف شخص مقارنة بنحو 47،000 شخص في عام 2020، أي بمعدل نمو بنسبة 27% على الرغم من أزمة كوفيد-19.   

وتبرز هذه المؤشرات التطوّر الإيجابي للأنشطة التشغيلية، ولكنها لا توضّح الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتمويل الأصغر على حياة التونسيين. ولكن، للمرة الأولى في تونس، ستتولّى هيئة الرقابة على التمويل الأصغر دراسة تلك الآثار في الأشهر المقبلة. 

جهود متواصلة لتحسين مؤشرات المخاطر 

خلال الموجات المختلفة لجائحة كوفيد-19 في عام 2021، ضاعفت مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة إجراءات الدعم المقدّمة للمستفيدين من قروضها في أشكال مختلفة ، تراوحت بين إعادة جدولة، وتعديل طرق تسديد القروض، ومنح قروض مرحلية، وتأجيل مواعيد الاستحقاق التي أقرّتها هيئة الرقابة على التمويل الأصغر في سبتمبر 2021. 

إلى ذلك، قامت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بدعم العملاء من خلال عقد شراكات مع مؤسسات التمويل الأصغر باوباب تونس و أدفانز تونس لتوفير القروض إلى أكثر من 13،000 مؤسسة صغرى وصغيرة في تونس.  ولقد تم منح قروض تمويلية بقيمة 31,5 مليون دولار أميركي، تمّ تقديم ثلاثة ملايين دولار منها في شكل منح قدّمها برنامج العمل التونسي. وقد ساعدت القروض والمنح الشركات الصغرى والصغيرة على الاحتفاظ بنحو 17،300 وظيفة. 

وسمحت هذه الجهود المجتمعة بالسيطرة على مخاطر المحفظة لثلاثين يومًا والمترتّبة على مؤسسات التمويل الأصغر عند معدل 2,87% في نهاية عام 2021 (من دون دمج قروض التمويل الأصغر الملغاة)، بعد أن بلغت ذروتها عند 5% في أغسطس 2021 بعد الموجة الثالثة من جائحة كوفيد-19.  

وتجدر الإشارة إلى أن أزمة جائحة كوفيد-19 قد أدّت إلى زيادة في معدل القروض الملغاة من 1.1% في عام 2019 إلى 2.25% في عام 2021، مما أثّر بالتالي على تكلفة المخاطر. 

أدى التحسّن في مؤشرات الإنتاج وفي المحافظة على جودة المحافظ إلى تحسّن كبير في نتيجة السنة المالية 2021 لدى مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة.

الأداء المالي لقطاع التمويل الأصغر في تونس في عام 2021 

خلال السنوات الأربعة الماضية، ارتفعت التكلفة الاجمالية للقروض من 29.8% في بداية العام 2018 إلى 32.8% في نهاية العام 2021، مما رتّب تكاليف نفسية ومادية كبيرة على مجموعة مهمّشة من العملاء، وتعود هذه التكلفة بشكل أساسي إلى الزيادة في متوسط تكلفة موارد الاستدانة. 

وقد أدى التحسّن في مؤشرات الإنتاج وفي المحافظة على جودة المحافظ إلى تحسّن كبير في نتيجة السنة المالية 2021 لدى مؤسسات التمويل الأصغر المساهمة ، التي بلغت 57 مليون دينار تونسي (17 مليون دولار أمريكي) مقارنة بمبلغ 22.9 مليون دينار تونسي (7 ملايين دولار أمريكي) في عام 2020. ويعود ذلك جزئيًا إلى ترحيل جزء من العائدات من عام 2020 إلى عام 2021 بعد عمليات تأجيل الاستحقاقات الضخمة التي أقرّتها مذكرة هيئة الرقابة على التمويل الأصغر في تونس. 

تحسّنت المؤشرات المالية العامة لقطاع التمويل الأصغر في تونس في عام 2021 تحسنًا كبيرًا مقارنة بعام 2020، وكان بعضها أفضل من المؤشرات المالية التي سبقت فترة الجائحة: تحسّن إجمالي نواتج تشغيل التمويل الأصغر بنسبة 19.7%، ممّا أثّر تأثيرًا إيجابيًا على مؤشرات مالية أخرى في عام 2021، مثل العائد، ونسبة الاكتفاء الذاتي التشغيلي، ونسبة الهامش الصافي. يبرز الرسم البياني أعلاه هذه التحسينات والأهمية الكبيرة لتكاليف إعادة التمويل وتكلفة المخاطر، ويوضّح أثرها على ربحية المحافظ المالية ونسبة الهامش الصافي التي تؤثّر بدورها على تكلفة الخدمات المالية.

المصدر: نبيل كسراوي، الأرقام مستمدة من التقرير السنوي لهيئة الرقابة على التمويل الأصغر في تونس.
المصدر: نبيل كسراوي، الأرقام مستمدة من التقرير السنوي لهيئة الرقابة على التمويل الأصغر في تونس.

فرص نمو لا بدّ من انتهازها 

تُظهر مؤشرات العام 2021 بوضوح المتانة المالية وفرص النمو لدى قطاع التمويل الأصغر التونسي الذي يستمر في جذب المستثمرين (المحليين والدوليين) الذين كسبوا حوالي 33% في المتوسط من ربحية المحفظة في عام 2021. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال بعض الفقراء مستبعدين ماليًا بسبب صعوبة تقديم الضمانات التي تطلبها مؤسسات التمويل الأصغر أو بسبب أسعار الفائدة المرتفعة جدًا. 

وقد حان الوقت لتغيير النهج المتبع في نموذج عمل إعادة التمويل من خلال ابتكار أدوات تسمح بحشد الموارد التي تجذب المستثمرين ذوي الأثر من أمثال السندات الخضراء/الاجتماعية/سندات المساواة بين الجنسين أو الصكوك ، حيث يمكن أن يؤدي التمويل الأصغر دورًا هامًا في استراتيجياتهم (التي تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة الرشيدة)، نظرًا للأثر الذي ولّده قطاع التمويل الأصغر في الجوانب المتعلقة بقضايا المساواة بين الجنسين والمالية الخضراء، فضلاً عن تأثيره المباشر في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة. 

تشكّل عمليات إعادة تمويل مؤسسات التمويل الأصغر، وصندوق ضمان التمويل الأصغر، والتمويل الرقمي تحدّيات أمام الاستراتيجية الوطنية للإدماج المالي وستؤثر تأثيرًا إيجابيًا على هيكل مختلف تكاليف مؤسسات التمويل الأصغر وتسمح لها بتقديم خدمات مالية بأسعار مسؤولة للسكان المستهدفين، وتعزيز الإدماج المالي للأشخاص المستبعدين، وتحسين مستوى الأثر الاجتماعي.

التعليق

يقوم فريق تحرير البوابة بمراجعة وإدارة نشر التعليقات. نرحب بالتعليقات التي تقدم ملاحظات وأفكار ذات صلة بالمحتوى المنشور. تعلم المزيد.

امجد محمود ادعيس ادعيس , phd research in iium iibf , فلسطين
24 ديسمبر/كانون الأول 2022

الفجوة التمويلية في العالم العربي في الريف وخاصة في القطاع الزراعي تزداد يوما بعد يوم لعدم تقبل المخاطر ولعدم اعتماد ادوات تمويل اسلامية مثل السلم والسلم الموازي الذي يناسب القطاع الزراعي والصناعي ةيحد من الفجوة التمويلية والتسويقية

اترك تعليق